100ـ صِفَاتُ آدَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

 

من كتاب سيدنا محمد رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

100ـ صِفَاتُ آدَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: صِفَاتُ آدَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في مَنْطِقِهِ وَسُكُوتِهِ:

قَالَ الحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَقُلْتُ: صِفْ لِي مَنْطِقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (أَيْ: اذْكُرْ لِي آدَابَهُ في مَنْطِقِهِ، وَآدَابَهُ في سُكُوتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الجَوَابُ الآتِي).

فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ (لَمْ يَكُنْ حُزْنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَتَوَارَدُ الأَحْزَانُ لِأَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ، تَرْجِعُ إلى دِينِ اللهِ تعالى وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللهِ تعالى، وَلِذَا كَانَتِ الآيَاتُ تَنْزِلُ في تَسْلِيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَخْفِيفِ شِدَّةِ الأَسَى عَنْهُ:

فَمِنْ ذَلِكَ: حُزْنُهُ عَلَى الذينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الهُدَى، وَقَدْ تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ ـ مُعَانِدِينَ وَمُعَارِضِينَ ـ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُحْزِنُهُ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تعالى في ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ الآيَةَ. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾.

وَمِنْ ذَلِكَ: حُزْنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِ خِدَاعِ المُنَافِقِينَ وَإِظْهَارِهِمُ الإِسْلَامَ، وَإِبْطَانِهِمُ الكُفْرَ، وَمُسَارَعَتِهِمْ في الكُفْرِ، كَمَا قَالَ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئَاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. الآيَةَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: حُزْنُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِمَا يَقُولُ فِيهِ أَعْدَاؤُهُ مِنَ الأَقْوَالِ البَاطِلَةِ المُتَنَاقِضَةِ، وَالأَكَاذِيبِ المُخْتَلِفَةِ، مَنِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَاحِرٌ أَو شَاعِرٌ أَو مَجْنُونٌ! وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾. الآيَةَ، وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾. وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعَاً﴾. الآيَةَ).

دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ دَائِمَ التَّفَكُّرِ في أُمُورِ الأُمَّةِ وَمَا يُصْلِحُ شُؤُونَهُمْ وَيُسْعِدُهُمْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ).

طَوِيلَ السَّكْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ، لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا في حَاجَةٍ دِينِيَّةٍ أَو دُنْيَوِيَّةٍ، فَيَتَحَرَّزُ عَنِ الكَلَامِ الذي لَا فَائِدَةَ مِنْهُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾.

وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكَهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ).

يَفْتَتِحُ الْكَلَامَ وَيَخْتَتِمُهُ بِاسْمِ اللهِ تعالى (وَالمَعْنَى: أَنَّ كَلَامَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَحْفُوفَاً بِذِكْرِ اللهِ تعالى بَدْأً وَانْتِهَاءً).

وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ (أَيْ: بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةِ الحُرُوفِ، جَامِعَةٍ لِمَعَانٍ كَثِيرَةٍ).

كَلَامُهُ فَصْلٌ لَا فُضُولَ وَلَا تَقْصِيرَ (يَعْنِي: أَنَّ كَلَامَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاصِلٌ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَمُفَصَّلٌ لَا يَتَدَاخَلُ في بَعْضِهِ، بِحَيْثُ يَتَلَقَّاهُ السَّامِعُ بِوُضُوحٍ دُونَ الْتِبَاسٍ، لَا يُكْثِرُ فَيُمِلُّ، وَلَا يُقَصِّرُ فَيُخِلُّ).

لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا المُهِينِ (أَيْ: لَيْسَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالجَافِي الغَلِيظِ الطَّبْعِ، السَّيِّءِ الخُلُقِ، وَلَا بِالمُهِينِ لِخَلْقِ اللهِ تعالى، وَلَا بِالمَهِينِ: أَيْ: المُبْتَذَلِ الذَّلِيلِ، بَلْ هُوَ الفَخْمُ المُفَخَّمُ المُوَقَّرُ المُعَظَّمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ).

يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذِمُّ مِنْهَا شَيْئَاً غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَذِمُّ ذَوَّاقَاً وَلَا يَمْدَحُهُ (فَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعَظِّمُ نِعَمَ اللهِ تعالى الكَبِيرَةَ وَالصَّغِيرَةَ، الظَّاهِرَةَ وَالبَاطِنَةَ، وَلَا يَذِمُّ مِنْهَا شَيْئَاً، كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَذِمُّ ذَوَّاقَاً: أَيْ: مَذُوقَاً مِنَ المَأْكُولَاتِ أَو المَشْرُوبَاتِ التي أَبَاحَهَا اللهُ تعالى، لِأَنَّ في الذَّمِّ كُفْرَانُ النِّعْمَةِ، وَهُوَ شَأْنُ المُتْرَفِينَ المُتَكَبِّرِينَ، كَمَا وَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا يَمْدَحُ ذَوَّاقَاً، لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ ذَوِي الشَّرَهِ وَالنَّهْمَةِ المَذْمُومَةِ).

وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلَا مَا كَانَ لَهَا، فَإِذَا تُعُدِّيَ الْحَقُّ لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَـنْتَصِرَ لَهُ (أَيْ: فَإِذَا تَعَدَّى أَحَدٌ الحَقَّ وَجَاوَزَهُ إلى البَاطِلِ، غَضِبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ غَضَبَاً لَا يُقَاوِمُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَدْفَعُ غَضَبَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ للحَقِّ بِالحَقِّ).

وَلَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا.

إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا (وَالمَعْنَى: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَشَارَ إلى شَيْءٍ ـ إِنْسَانٍ أَو غَيْرِهِ ـ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الإِشَارَةِ بِبَعْضِ الأَصَابِعِ، لِأَنَّهُ شَأْنُ المُتَكَبِّرِينَ وَالمُحْتَقِرِينَ لِغَيْرِهِمْ، وَإِذَا تَعَجَّبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْرٍ، قَلَبَ كَفَّهُ، كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مُتَعَجِّبٍ).

وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا وَضَرَبَ بِرَاحَتِهِ الْيُمْنَى بَطْنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى (يَعْنِي: أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ حَدِيثُهُ بِكَفِّهِ اليُمْنَى، وَذَلِكَ لِتَأْكِيدِ الكَلَامِ وَتَقْوِيَتِهِ في النُّفُوسِ، وَزِيَادَةِ إِيضَاحِهِ بِإِشَارَاتِ الكَفِّ، وَضَرَبَ بِرَاحَتِهِ اليُمْنَى بَطْنَ إِبْهَامِهِ اليُسْرَى، اعْتِنَاءً بِذَلِكَ الحَدِيثِ، وَدَفْعَاً لِمَا يَعْرِضُ لِنَفْسِ السَّامِعِ مِنَ الفُتُورِ أَو الغَفْلَةِ عَنِ الحَدِيثِ).

وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ (أَيْ: إِذَا غَضِبَ مِنْ أَحَدٍ أَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَا يُقَابِلُهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ الغَضَبُ، امْتِثَالَاً لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ﴾.

وَأَشَاحَ: أَيْ: بَالَغَ في الإِعْرَاضِ وَعَدَلَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَإِذَا فَرِحَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ، غَضَّ طَرْفَهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَ نَظَرَ شَرَهٍ وَحِرْصٍ).

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، يَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ (أَيْ: مُعْظَمُ ضَحِكِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هُوَ التَّبَسُّمُ، وَيَفْتَرُّ: أَيْ يَضْحَكُ ضَحِكَاً حَسَنَاً كَاشِفَاً عَنْ سِنٍّ مِثْلِ حَبِّ الغَمَامِ في البَيَاضِ وَالصَّفَاءِ.

وَحَبُّ الغَمَامِ هُوَ البَرَدُ ـ بِفَتْحَتَيْنِ ـ الذي يُشْبِهُ اللُّؤْلُؤَ.

فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَبَسَّمَ بَدَتْ أَسْنَانُهُ الشَّرِيفَةُ كَاللُّؤْلُؤِ اللَّامِعِ).

قَالَ الحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ زَمَانَاً، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ، وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَهُ عَنْ مَدْخَلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَخْرَجِهِ وَمَجْلِسِهِ وَشَكْلِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئَاً (قَالَ العَلَّامَةُ البَيْجُورِيُّ: فَقَدْ رَوَى الحَسَنُ عَنْ أَخِيهِ الحُسَيْنِ مَا رَوَاهُ الحُسَيْنُ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ، فَصَارَ الحَسَنُ رَاوِيَاً مَا تَقَدَّمَ عَنْ خَالِهِ هِنْدٍ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَمَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِيهِ عَلَيٍّ بِوَاسِطَةِ أَخِيهِ الحُسَيْنِ. اهـ).

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 13/ جمادى الثانية /1440هـ، الموافق: 18/ شباط / 2019م