180ـ تقبيل الصحابة مواضع من جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

180ـ تقبيل الصحابة مواضع من جسده الشريف صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

تَقْبِيلُ الصَّحَابَةِ مَوَاضِعَ مِنْ جَسَدِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ أَبُو َداوُدَ في سُنَنِهِ: بَابٌ في قُبْلَةِ الجَسَدِ.

ثُمَّ أَسْنَدَ إلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ ـ وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ ـ بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ.

فَقَالَ: أَصْبِرْنِي ـ أَيْ: أَقِدْنِي ـ.

فَقَالَ: «اصْطَبِرْ».

فَقَالَ أُسَيْدٌ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصَاً وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ.

فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَمِيصِهِ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ ـ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيُ ـ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ رَجُلَاً صَالِحَاً ضَاحِكَاً مَلِيحَاً، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ وَيُضْحِكُهُمْ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأُصْبُعِهِ فِي خَاصِرَتِهِ.

فَقَالَ أُسَيْدٌ: أَوْجَعْتَنِي يَا رَسُولَ اللهِ.

فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَاقْتَصَّ».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصَاً، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ ـ لَمَّا طَعَنْتَنِي ـ قَمِيصٌ.

قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ.

قَالَ: فَاحْتَضَنَهُ أُسَيْدٌ، ثُمَّ جَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، وَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ هَذَا. انْظُرْ كَشْفَ الخَفَاءِ.

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حِبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَدَّلَ الصُّفُوفَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ ـ سَهْمٌ ـ يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَطُعِنَ فِي بَطْنِهِ.

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حِبَّانَ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَدَّلَ الصُّفُوفَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفِي يَدِهِ قِدْحٌ ـ سَهْمٌ ـ يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَطُعِنَ فِي بَطْنِهِ.

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْجَعْتنِي، فَأَقِدْنِي.

فَكَشَفَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَطْنِهِ.

فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَطْنَهُ.

فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَّادُ؟».

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَضَرَ مَا تَرَى ـ يَعْنِي القِتَالَ ـ فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ.

فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرِ. انْظُرِ البِدَايَةَ لِابْنِ كَثِيرٍ وَالإِصَابَةَ.

وَقَالَ الحَافِظُ في الإِصَابَةِ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَهَذِهِ القِصَّةُ لِسَوَادِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قُلْتُ: لَا يُمْتَنَعُ التَّعَدُّدُ لَا سِيَّمَا مَعَ اخْتِلَافِ السَّبَبِ، ثُمَّ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَأَخْرَجَ البَغَوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْطٍ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَوَادِ بْنِ عَمْرٍو وَكَانَ يُصِيبُ في الخَلُوقِ؛ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ (الخَلُوقُ: طِيبٌ مُرَكَّبٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ أَو غَيْرِهِ، وَتَغْلُبُ عَلَيْهِ الحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ طِيبِ النِّسَاءِ. اهـ. نِهَايَة).

وَفِيهَا: فَلَقِيَهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَمَعَهُ جَرِيدَةٌ، فَطَعَنَهُ في بَطْنِهِ.

فَقَالَ: أَقِدْنِي يَا رَسُولَ اللهِ.

فَكَشَفَ لَهُ عَنْ بَطْنِهِ، فقال: «اقْتَصَّ».

فَأَلْقَى الجَرِيدَةَ وَطَفِقَ يُقَبِّلُهُ ـ أَيْ: يُقَبِّلُ بَطْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 16/ شوال /1441هـ، الموافق: 8/ حزيران / 2020م