184ـ تبرك الصحابة بثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم

184ـ تبرك الصحابة بثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

تَبَرُّكُ الصَّحَابَةِ بِثِيَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِشْفَاؤُهُمْ بِهَا:

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهَا أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ (نَوْعٌ مِنَ الثِّيَابِ لَهَا عَلَمٌ وَحَاشِيَةٌ) لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ (بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ البَاءِ: رُقْعَةٌ ـ أَيْ: قِطْعَةٌ ـ في جَيْبِ القَمِيصِ) وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ (قَالَ الزَّرْقَانِيُّ: أَيْ: عُمِلَ عَلَى جَيْبِهَا وَكُمِّهَا كِفَافٌ مِنْ حَرِيرٍ، وَكَفَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: طَرَفُهُ وَحَاشِيَتُهُ).

فَقَالَتْ: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَلَمَّا قُبِضَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَبَضْتُهَا ـ أَيْ: أَخَذَتِ الجُبَّةَ ـ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: نَغْسِلُهَا للمَرِيضِ مِنَّا إِذَا اشْتَكَى، نَسْتَشْفِي بِهَا.

أَيْ: لِمُخَالَطَتِهَا لِعَرَقِهِ الشَّرِيفِ وَمُلَابَسَتِهَا لِبَدَنِهِ الطَّيِّبِ المُبَارَكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا (أَيْ: لَمْ تُقْطَعْ مِنْ ثَوْبٍ).

فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكْسُوكَ هَذِهِ.

فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجَاً إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا ـ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَه: فَخَرَجَ إِلَيْنَا فِيهَا ـ فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَحْسَنَ هَذِهِ البُرْدَةَ، فَاكْسُنِيهَا.

فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ».

وَفِي رِوَايَةٍ للبُخَارِيِّ: فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللهُ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا، وَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ.

فَلَمَّا قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَامَهُ ـ أَيْ: لَامَ السَّائِلَ ـ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا للسَّائِلِ: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَبِسَهَا مُحْتَاجَاً إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئَاً فَيَمْنَعَهُ؟! ـ وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَرُدُّ سَائِلَاً ـ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 19/ ذو القعدة /1441هـ، الموافق: 10/ تموز / 2020م