186ـ مداواة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ببصاقه الشريف

186ـ مداواة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ببصاقه الشريف

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

مُدَاوَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِبُصَاقِهِ الشَّرِيفِ وَاسْتِشْفَاؤُهُمْ بِذَلِكَ:

كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَصَقَ عَلَى مَرِيضٍ أَو نَفَثَ أَو تَفَلَ عَلَى مَوْضِعِ مَرَضِهِ بَرِئَ المَرِيضُ وَشُفِيَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى، وَقَدْ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ شَهِيرَةٌ، وَلِذَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَحْرِصُونَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى الاسْتِشْفَاءِ بِرِيقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّم؛ فَمِنْ ذَلِكَ: تَفْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في عَيْنَيْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ تعالى وَجْهَهُ وَقَدْ أَصَابَهُ الرَّمَدُ الشَّدِيدُ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ وَحْدَهُ إِلَّا مَعَ رَجُلٍ يَأْخُذُ بِيَدِهِ، فَيَبْصُقُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في عَيْنَيْهِ فَيَبْرَأُ مِنْ سَاعَتِهِ:

رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدَاً رَجُلَاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ».

فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا.

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟».

فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ.

قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ». فَأُتِيَ بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ سَلَمَةُ: فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى عَلِيٍّ، فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدُ.

فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في عَيْنَيْهِ، فَبَرِئَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ. الحَدِيثُ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: نَفَثَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَاقِ سَلَمَةَ وَقَدْ أُصِيبَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ فَيَبْرَأُ مِنْ سَاعَتِهِ:

رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟

فَقَالَ: أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ ضَرْبَةٌ.

فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتِيَ بِي إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ.

وَفِي الإِصَابَةِ: أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ وَالضِّيَاءُ في المُخْتَارَةِ وَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَنْدَه: عَمْرُو بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ كَانَ تَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِجْلِهِ حِينَ قُطِعَتْ حَتَّى بَرَأَتْ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 4/ ذو الحجة/1441هـ، الموافق: 24/ تموز / 2020م