188ـ الماء يطيب ويحلو بريقه الشريف صلى الله عليه وسلم

188ـ الماء يطيب ويحلو بريقه الشريف صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

المَاءُ يَطِيبُ وَيَحْلُو بِرِيقِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَه وَالبَيْهَقِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِدَلْوِ مَاءٍ فَشَرِبَ مِنَ الدَّلْوِ، ثُمَّ صُبَّ في البِئْرِ ـ أَو قَالَ: ثُمَّ مَجَّ فِي الْبِئْرِ ـ فَفَاحَ مِنْهَا مِثْلُ رَائِحَةِ الْمِسْكِ.

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَزَقَ في بِئْرٍ في دَارِ أَنَسٍ، فَلَمْ يَكُنْ بِالمَدِينَةِ بِئْرٌ أَعْذَبَ مِنْهَا.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بِئْرِ قُبَاءٍ فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ البِئْرُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْضَحُ عَلَى حِمَارِهِ فَتَنْزَحُ.

فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِذَنُوبٍ ـ أَيْ: دَلْوٍ عَظِيمَةٍ ـ فَسُقِيَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ مِنْهُ أَو تَفَلَ فِيهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُعِيدَ في البِئْرِ، فَمَا نَزَحَتْ بَعْدُ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَيْضَاً نَحْوَ ذَلِكَ.

وَأَخْرَج ابْنُ السَّكَنِ عَنْ هَمَّامِ بْنِ نُفَيْلٍ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، حُفِرَ لَنَا بِئْرٌ فَخَرَجَتْ مَالِحَةً، فَدَفَعَ إِلَيَّ إِدْاوَةً فِيهَا مَاءٌ، فَقَالَ: «صُبَّهُ فِيهَا» فَصَبَّهُ فِيهَا، فَعَذُبَتْ، فَهِيَ أَعْذَبُ مَاءٍ بِاليَمَنِ.

الصَّحَابَةُ يَتَبَرَّكُونَ بِرِيقِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

رَوَى البَغَوِيُّ في مُعْجَمِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ كَانَ يُقَرِّبُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَيَقُولُ لَهُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَعَاكَ فَمَسَحَ رَأْسَكَ وَتَفَلَ في فِيكَ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ».

أَوْرَدَ ذَلِكَ في الإِصَابَةِ ثُمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ خَيْثَم عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالمَرْفُوعِ نَحْوَهُ. اهـ.

وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَأْتُونَ بِأَوْلَادِهِمْ إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُمْ فَيَمُصُّونَ رِيقَهُ الشَّرِيفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدَّاً.

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.

قَالَتْ: فَخَرَجْتُ وَأَنَا مُتِمٌّ ـ أَيْ: قَدْ دَنَا وِلَادُهَا ـ فَقَدِمْتُ المَدِينَةَ فَنَزَلْتُ بِقُبَاءٍ فَوَلَدْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيهِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ جَوْفَهُ رِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ، وَبَرَّكَ عَلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلَامِ (أَيْ: أَوَّلُ مَوْلُودٍ بِالمَدِينَةِ مِنَ المُهَاجِرِينَ).

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ؛ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ انْطَلَقَ بِابْنٍ لِأَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟».

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوِ المَدِينَةِ ـ أَيْ: تَمْرِهَا ـ فَلَاكَهَا فِي فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا ـ أَيْ: يَتَطَعَّمُهَا ـ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا حُبَّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ».

فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ . . . الحَدِيثَ.

وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ قَالَ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الخَطَّابِ، فَكَانَ أَلْطَفَ مَنْ وُلِدَ، فَأَخَذَهُ جَدُّهُ أَبُو لُبَابَةَ في خِرْقَةٍ فَأَحْضَرَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ مَوْلُودَاً أَصْغَرَ خِلْقَةً مِنْهُ، فَحَنَّكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ البَرَكَةَ.

قَالَ: فَمَا رُئِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ في قَوْمٍ إِلَّا فَرَعَهُمْ طُولَاً، وَزَوَّجَهُ عُمَرُ بِنْتَهُ فَاطِمَةَ. كَمَا جَاءَ في الإِصَابَةِ وَغَيْرِهَا.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 24/ ذو الحجة/1441هـ، الموافق: 14/ آب / 2020م