201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

بُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِهِمْ عُهُودَهُمْ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ قَالَ: عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ!

فَقَالَ: كَيْفَ بِهَذَا؟ وَأَشَارَ إلى أَعْلَى البَيْتِ وَأَسْفَلِهِ ـ وَفِي البَيْتِ قَلِيلٌ مِنَ الأَمْتِعَةِ وَالوَسَائِدِ ـ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ».

يَعْنِي: أَنَّهُ بَكَى خَوْفَاً مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَوَسَّعَ في حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا، فَوْقَ زَادِ الرَّاكِبِ، كَمَا عَهِدَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَعَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَلْمَانَ الخَيْرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ عَرَفُوا مِنْهُ بَعْضَ الجَزَعِ.

فَقَالُوا: مَا يُجْزِعُكَ ـ أَيْ: مَا يُخِيفُكَ ـ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ فِي الْخَيْرِ؟ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَغَازِيَ حَسَنَةً، وَفُتُوحَاً عِظَامَاً!

فَقَالَ: يُجْزِعُنِي أَنَّ حَبِيبَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَارَقَنَا عَهِدَ إِلَيْنَا: «لِيَكْفِ المَرْءَ مِنْكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ» فَهَذَا الَّذِي أَجْزَعَنِي ـ جَعَلَنِي في خَوْفٍ ـ

قَالَ: فَجُمِعَ مَالُ سَلْمَانَ فَكَانَ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمَاً. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ كَمَا في التَّرْغِيبِ.

فَخَافَ سَلْمَانُ أَنْ يَكُونَ خَالَفَ عَهْدَ حَبِيبِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ جَمَعَ مِنَ المَالِ فَوْقَ زَادِ الرَّاكِبِ.

ضَجِيجُ بُكَاءِ الصَّحَابَةِ لِوَفَاةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

قَالَ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا: أَخْرَجَ ابْنُ مَنْدَه وَابْنُ عَسَاكِرَ ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ:

بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرِيضٌ، فَأَوْجَسَ أَهْلُ الحَيِّ خِيفَةً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَبِتُّ بِلَيْلَةٍ طَوِيلَةٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ قُرْبَ السَّحَرِ نِمْتُ، فَهَتَفَ بِي هَاتِفٌ يَقُولُ:

خَطْبٌ أَجَلُّ أَنَاخَ بِالإِسْلَامِ    ***   بَيْنَ الـنَّخِيلِ وَمَـقْـعَدِ الآطَامِ

قُـبِـضَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ فَـقُلُوبُنَا   ***   تَذْرِي الدُّمُوعَ عَلَيْهِ بِالتَّجسَامِ

قَالَ: فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي فَزِعَاً، وَعَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قُبِضَ، فَقَدِمْتُ المَدِينَةَ وَلِأَهْلِهَا ضَجِيجٌ بِالبُكَاءِ كَضَجِيجِ الحَجِيجِ أَهَلُّوا جَمِيعَاً بِالإِحْرَامِ.

فَقُلْتُ: مَهْ ـ أَيْ: مَا السَّبَبُ في هَذَا البُكَاءِ؟ ـ.

فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ القَسْطَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَقْتَ دُخُولِهِ المَدِينَةَ في هِجْرَتِهِ، حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَاءُ.

وَدُفِنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَقِيلَ: لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ، وَقِيلَ: يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ. اهـ.

وَقَالَ في لَطَائِفِ المَعَارِفِ: وَكَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في يَوْمِ الاثْنَيْنِ في شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ.

وَاخْتَلَفُوا في تَعْيِينِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الشَّهْرِ، فَقِيلَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ الشَّهْرِ، وَقِيلَ ثَانِيهِ، وَقِيلَ ثَانِيَ عَشَرِهِ، وَقِيلَ ثَالِثَ عَشَرِهِ، وَقِيلَ خَامِسَ عَشَرِهِ، وَالمَشْهُورُ أَنَّهُ كَانَ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ. اهـ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ وَفَاتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ؛ وَعَلَيْهِ الجُمْهُورُ.

وَأَخْرَجَ الوَاقِدِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: بَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ نَبْكِي لِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ نَنَمْ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بُيُوتِنَا، وَنَحْنُ نَتَسَلَّى بِرُؤْيَتِهِ عَلَى السَّرِيرِ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتَ الكَّرَّازِينَ ـ أَيْ: صَوْتَ الفُؤُوسِ يُحْفَرُ بِهَا ـ في السَّحَرِ.

قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَصِحْنَا وَصَاحَ أَهْلُ المَدِينَةِ، فَارْتَجَّتِ المَدِينَةُ صَيْحَةً وَاحِدَةً وَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالفَجْرِ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ؛ بَكَى بِلَالٌ وَانْتَحَبَ، فَزَادَنَا حُزْنَاً وَعَالَجَ النَّاسُ الدُّخُولَ ـ أَيْ: الوُصُولَ إلى قَبْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ فَغُلِقَ دُونَهُمْ ـ أَيْ: مُنِعُوا مِنَ الهُجُومِ إلى القَبْرِ الشَّرِيفِ وَقْتَ الدَّفْنِ الشَّرِيفِ ـ.

قَالَتْ: فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أُصِبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ إِلَّا هَانَتْ، إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَجَاءَ بَعْضُ هَذَا الحَدِيثِ في طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ المُصِيبَةَ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ أَعْظَمُ المَصَائِبِ.

وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ في المُوَطَّأِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِيُعَزِّ المُسْلِمِينَ فِي مَصَائِبِهِمُ، المُصِيبَةُ بِي».

وَرَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ في مَرَضِهِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ المُؤْمِنِينَ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ، فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيبَتِهِ بِي، عَنِ المُصِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِغَيْرِي، فَإِنَّ أَحَدَاً مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَابَ بِمُصِيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي» أَيْ: المُصِيبَةُ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَأَخْرَجَ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: بَكَى النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ، وَقَالُوا: وَاللهِ وَدِدْنَا أَنَّا مِتْنَا قَبْلَهُ، وَنَخْشَى أَنْ نُفْتَنَ بَعْدَهُ. انْظُرْ ذَلِكَ في البِدَايَةِ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:

قَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تَرْثِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَلَا يَـا رَسُـولَ اللهِ كُـنْـتَ رَجَاءَنَا   ***   وَكُـنْـتَ بِـنَـا بَـرَّاً وَلَمْ تَـكُ جَافِيَـا

وَكُنْتَ رَحِيمَاً هَادِيَـــــــاً وَمُعَلِّمَاً   ***   لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَـانَ بَـاكِيَـا

لَــــــعَمْرِي مَا أَبْكِي النَّبِيَّ لِمَوْتِهِ   ***   وَلَكِنْ لِـهَـرْجٍ كَـانَ بَـعْـدَكَ آتِـيَـا

كَأَنَّ عَـــلَى قَـــــلْبِي لِفَقْدِ مُحَمَّدٍ   ***   وَمِنْ حُبِّهِ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ المَكَاوِيَــــا

أَفَاطِمُ صَـــــــلَّى اللهُ رَبُّ مُحَمَّدٍ   ***   عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَــــا

أَرَى حَسَنَاً أَيْتَمْتَهُ وَتَـرَكْـتَــــــهُ   ***   يَبْكِي وَيَدْعُو جَدَّهُ الْيَوْمَ نَائِيَـــــا

فِدَىً لِرَسُولِ اللهِ أُمِّي وَخَـالَـتِـي   ***   وَعَمِّي وَخَالِي ثُمَّ نَفْسِي وَمَالِيَــــا

صَبَرْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَـادِقَـاً   ***   وَمِتَّ قَوِيَّ الدِّينِ أَبْلَجَ صَافِيَــــا

فَلَوْ أَنَّ رَبَّ الْعَرْشِ أَبْقَاكَ بَـيْـنَـنَا   ***   سَعِدْنَا وَلَكِنْ أَمْرُهُ كَانَ مَاضِيَــــا

عَـلَـيْـكَ مِـنَ اللهِ الـسَّـلَامُ تَحِيَّـةً   ***   وَأُدْخِلْتَ جَنَّاتٍ مِنَ الْعَدْنِ رَاضِيَا

قَالَ الحَافِظُ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. اهـ. وَانْظُرْهُ في المَوَاهِبِ وَشَرْحِهَا.

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَذَكِّرِينَ مَوَاعِظَهُ وَوَصَايَاهُ:

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، فَوَجَدَ مُعَاذَاً عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا يُبْكِيكَ؟

فَقَالَ مُعَاذٌ: حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اليَسِيرُ مِنَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ، وَمَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللهِ فَقَدْ بَارَزَ اللهِ بِالمُحَارَبَةِ.

إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الأَتْقِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا، قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ».

قَالَ في التَّرْغِيبِ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَالحَاكِمُ وَالبَيْهَقِيُّ في الزُّهْدِ وَقَالَ الحَاكِمُ صَحِيحٌ وَلَا عِلَّةَ لَهُ. اهـ.

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ العُلَمَاءِ يَقُولُ: بَلَغَنَا أَنَّهُ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَتَلَا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً﴾.

ثُمَّ قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ـ سَبْعِينَ مَرَّةً ـ نَادَاهُ مَلَكٌ: صَلَّى الله عَلَيْكَ يَا فُلَانُ، وَلَمْ تَسْقُطْ لَهُ حَاجَةٌ ـ أَيْ: لَا تُرَدُّ حَاجَتُهُ، وَلَا يَخِيبُ دُعَاؤُهُ بِوَجَاهَةِ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَرِيبِ المُجِيبِ ـ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 7/ رجب /1442هـ، الموافق: 19/شباط / 2020م