193ـ تبرك التابعين بأيدي الصحابة رضي الله عنهم

193ـ تبرك التابعين بأيدي الصحابة رضي الله عنهم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

تَبَرُّكُ التَّابِعِينَ بِأَيْدِي الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا مَسَّتْ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِأَنَسِ بْنِ مَالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا أَنَسُ، مَسِسْتَ يَدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِكَ؟

فَقَالَ أَنَسٌ: «نَعَمْ».

قَالَ ثَابِتٌ: أَرِنِي أُقَبِّلُهَا ـ أَيْ: لِأَنَّهَا مَسَّتْ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ.

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُزَيْنٍ: أَنَّهُ نَزَلَ الرَّبْذَةَ ـ بَلْدَةً قَرِيبَةً مِنَ الشَّامِ ـ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُونَ الحَجَّ.

قِيلَ لَهُمْ: هَا هُنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، ثُمَّ سَأَلْنَاهُ.

فَقَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي هَذِهِ، وَأَخْرَجَ لَنَا كَفَّهُ ـ كَفَّهُ ضَخْمَةً ـ.

قَالَ: فَقُمْنَا إِلَيْهِ، فَقَبَّلْنَا كَفَّيْهِ جَمِيعَاً ـ أَيْ: تَبَرُّكَاً بِأَثَرِ يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ.

وَرَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفْرَدِ بِلَفْظِ: فَأَخْرَجَ سَلَمَةُ يَدَيْهِ وَقَالَ: بَايَعْتُ بِهَاتَيْنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ .. الحَدِيثَ.

وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ عَائِدِينَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ الصَّحَابِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مَدَّ يَدَهُ فَأَخَذَ يَدَهُ فَمَسَحَ ـ ابْنُ الأَسْوَدِ ـ بِهَا ـ أَيْ: بِيَدِ وَاثِلَةَ ـ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ، لِأَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ: يَا يَزِيدَ بْنَ الأَسْوَدِ، كَيْفَ ظَنُّكَ بِرَبِّكَ؟

فَقَالَ: حَسَنٌ.

فَقَالَ وَاثِلَةُ: أَبْشِرْ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِنْ خَيْرَاً فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرَّاً فَشَرٌّ».

يَعْنِي أَنَّهُ إِنْ ظَنَّ بِاللهِ خَيْرَاً عَامَلَهُ بِظَنِّهِ، وَإِنْ ظَنَّ بِاللهِ شَرَّاً عَادَ سُوءُ ظَنِّهِ عَلَيْهِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ.

كَمَا أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانُوا يُكْرِمُونَ أَيَادِيَهُمُ التي صَافَحُوا بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 8/ صفر /1442هـ، الموافق: 25/أيلول / 2020م