1- مقدمة الكتاب

1- مقدمة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وَبِهِ نَسْتَعِينُ عَلَى أُمُورِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ

 

الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَ حَظَّنَا نَبِيَّهُ وَحَبِيبَهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي أَدَّبَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ، وَزَكَّى أَوْصَافَهُ وَوَفَّرَ نَصِيبَهُ، وَوَفَّقَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ للاقْتِدَاءِ بِهِ مَنْ أَرَادَ تَزْكِيَتَهُ وَتَهْذِيبَهُ، وَحَرَمَ عَنِ التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِ مَنْ أَرَادَ تَخْيِيبَهُ وَبُعْدَهُ وَطَرْدَهُ عَنْ رَحْمَتِهِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

فَلَهُ الحَمْدُ وَلَهُ المِنَّةُ أَنْ جَعَلَهُ حَظَّنَا، وَجَعَلَنَا حَظَّهُ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ قُرَيْظَةَ، فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنَ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟

قَالَ: فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا.

قَالَ: فَسُرِّيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ، وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الْأُمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ».

وَلَهُ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ أَنِ اصْطَفَانَا وَجَعَلَنَا وَرَثَةَ هَذَا القُرْآنِ العَظِيمِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾.

فَنَسْأَلُهُ تَبَارَكَ وتعالى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ السَّابِقِينَ بِالخَيْرَاتِ. آمين.

فَنَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا أَنْ تُصَلِّيَ أَفْضَلَ صَلَاةٍ، وَأَكْمَلَهَا، وَأَدْوَمَهَا، وَأَشْمَلَهَا، عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ الذي خَصَصْتَهُ بِالسِّيَادَةِ العَامَّةِ، فَجَعَلْتَهُ سَيِّدَ العَالَمِينَ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَبَعَثْتَهُ بِأَحْسَنِ الشَّمَائِلِ، وَأَوْضَحِ الدَّلَائِلِ، لِيُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلَاقِ، صَلَاةً تُنَاسِبُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ مِنَ القُرْبِ الذي مَا فَازَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ عَلَى الإِطْلَاقِ، صَلَاةً لَا يَعُدُّهَا وَلَا يَحُدُّهَا قَلَمٌ وَلَا لِسَانٌ، وَلَا يَصِفُهَا وَلَا يَعْرِفُهَا مَلَكٌ وَلَا إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ، صَلَاةً تَسُودُ كَافَّةَ الصَّلَوَاتِ، كَسِيَادَتِهِ عَلَى كَافَّةِ المَخْلُوقَاتِ، صَلَاةً يَشْمَلُنِي نُورُهَا مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِي في جَمِيعِ أَوْقَاتِي، وَيُلَازِمُ ذَرَّاتِي في حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي، مَعَ أُصُولِي وَفُرُوعِي وَزَوْجِي، وَأَحْبابِي وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيَّ دُنْيَا وَدِينًا. آمين.

أَمَّا بَعْدُ:

فَبَعْدَ أَنِ انْتَهَيْتُ مِنْ قِرَاءَةِ كِتَابِ ((سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ شَمَائِلُهُ الحَمِيدَةُ، وَخِصَالُهُ المَجِيدَةُ)) لِفَضِيلَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ سِرَاجِ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَكَانَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى حَرِيصًا عَلَى أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا بِعُنْوَانِ ((سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ مُعْجِزَاتُهُ، وَآيَاتُ نُبُوَّتِهِ)) وَكَأَنَّهُ وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ.

فَشَرَحَ اللهُ تعالى صَدْرِي لِكِتَابَةِ مَا كَانَ يَتَمَنَّاهُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى.

فَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُعِينَنِي عَلَى ذَلِكَ، وَيُبَارِكَ لِي في عُمُرِي حَتَّى أَجْمَعَ هَذَا السِّفْرَ المُبَارَكَ؛ كَمَا أَسْأَلُهُ تعالى أَنْ يَجْعَلَ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَنِي مِنْ عِبَادِهِ المُخْلِصِينَ المُخْلَصِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَ لِي لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ، وَمِثْلَ ذَلِكَ لِأُصُولِي وَفُرُوعِي وَزَوْجِي وَمَنْ يَلُوذُ بِي، إِنَّهُ القَادِرُ عَلَى ذَلِكَ، جُودًا مِنْهُ وَتَفَضُّلًا. آمين.

الفَقِيرُ لِعَفْوِ رَبِّهِ تعالى  

أحمد شريف النعسان