36ـ عرض الأعمال على الأقارب والعشيرة

36ـ عرض الأعمال على الأقارب والعشيرة

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ سَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ في كِتَابِهِ (الإِيمَانِ بِعَوَالِمِ الآخِرَةِ وَمَوَاقِفِهَا):

عَرْضُ الأَعْمَالِ عَلَى الأَقَارِبِ وَالعَشِيرَةِ في البرْزَخِ:

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عِنْدَ آيَةِ: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ الآيَةَ. قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَعْمَالَ الأَحْيَاءِ تُعْرَضُ عَلَى الأَمْوَاتِ: مِنَ الأَقْرُبَاءِ وَالعَشَائِرِ في البَرْزَخِ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَبِي دَاود الطَّيَالِسِيِّ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى عَشَائِرِكُمْ وَأَقْرِبَائِكُمْ فِي قُبُورِهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَلْهِمْهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِطَاعَتِكَ».

ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ الإمام أحمد بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالُوا: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ، حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا».

وروى الإمام ابْنُ المُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى مَوْتَاكُمْ فَيُسَرُّونَ وَيُسَاؤُونَ).

ثُمَّ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا أُخْزَى بِهِ عِنْدَ خَالِي عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ).

وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تُعْرَضُ الأَعْمالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ عَلَى الله تَعَالَى، وتُعْرَضُ عَلَى الأنْبِياءِ وَعَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَيَفْرَحُونَ بِحَسَناتِهِمْ، وَتَزْدادُ وُجُوهُهُمْ بَياضًا وإِشْراقًا، فاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُؤْذُوا مَوْتَاكُمْ».

وَأَورَدَهُ في الجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ: رواه الحَكِيمُ الترمذي عَنْ وَالِدِ عَبْدِ العَزِيزِ، رَامْزًا إلى حُسْنِهِ.

وَأَوْرَدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيُّ بِإِسْنَادِهِ، إلى سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ يَوْمٌ إِلَّا تُعْرَضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمَّتُهُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَيَعْرِفُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، فَلِذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ. اهـ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَلَا تَعَارُضَ ـ أَيْ: بَيْنَ مَا جَاءَ عَنْ سَعِيدٍ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَوْمَ الجُمُعَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. اهـ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 25/ شعبان /1442هـ، الموافق: 8/ نيسان / 2021م