13ـ أخلاق وآداب: أنت المقصود إليه بكل حال والمشار إليه بكل معنى

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد حُكِيَ أنَّ حذيفة المرعشي، وقد كان خدم إبراهيم بن أدهم، فقيل له: ما أعجب ما رأيت منه؟ فقال: بقينا في طريق مكة أياماً لم نجد طعاماً، ثم دخلنا الكوفة فأوينا إلى مسجد خراب، فنظر إلي إبراهيم وقال: يا حذيفة، أرى بك الجوع، فقلت: هو ما رأى الشيخ، فقال: علي بدواة وقرطاس، فجئت به إليه فكتب:

 

أنت المقصود إليه بكل حال، والمشار إليه بكل معنى، وكتب شعراً:

أنا حامد أنا شاكر أنا ذاكر *** أنا جائع أنا ضائع أنا عاري

هي ستة وأنا الضمين لنصفها *** فكن الضمين لنصفها يا باري

مدحي لغيرك لهب نـار خضتها *** فأجر عبيدك من دخول النار

والنار عندي كالسؤال فهل ترى *** أن لا تكلفني دخول النار

ثم دفع إلي الرقعة فقال: اخرج ولا تعلق قلبك بغير الله تعالى، وادفع الرقعة إلى أول من يلقاك، فخرجت فأول من لقيني كان رجلاً على بغلة. فناولته الرقعة فأخذها، فلما وقف عليها بكى وقال: ما فعل صاحب هذه الرقعة؟ فقلت: هو في المسجد الفلاني، فدفع إلي صرة فيها ستمائة دينار، ثم لقيت رجلاً آخر فسألته عن راكب البغلة فقال: هذا نصراني، فجئت إلى إبراهيم وأخبرته بالقصة فقال: لا تمسه فإنه يجيء الساعة، فلما كان بعد ساعة دخل النصراني وأكب على رأس إبراهيم يقبله وأسلم.