29ـ أَوْلَادُ الُمصطَفَى مِنَ السَّيِدَةِ خَديجة

29ـ أَوْلَادُ الُمصطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّيِدَةِ خَديجة

 

إِنَّهُمْ ذُرِّيَّةُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّهُمُ النُّطَفُ الطَّاهِرَةُ، وَالأَوْلَادُ البَرَرَةُ، أَبُوهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُمُ سَيِّدَتُنَا خَدِيجَةُ الكُبْرَى رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، إِنَّهُمْ أَشْجَارٌ عَرِيقَةُ الجُذُورِ وَالأَنْسَابِ، كُلُّهُمْ يَتَّصِفُونَ بِالشَّرَفِ وَيَمْتَازُونَ بِالأَدَبِ، فَهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، مِنْ أَعْرَقِ بُيُوتِ قُرَيْشٍ، وَمِنْ نَسَبِ شَرَفٍ وَصِدْقٍ وَأَمَانَةٍ، وَأُمٍّ فَاضِلَةٍ لَا يُدَانِيهَا أَحَدٌ في شَرَفِهَا وَعِزَّتِهَا وَرِفْعَتِهَا في مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ، بَلْ وَفي غَيْرِ مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ.

لَقَدْ كَانَتْ ثَمَرَةُ هَذَا الزَّوَاجِ العَظِيمِ أَنْ وَلَدَتْ للرَّسُولِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَاسِمَ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكْنَى بِهِ.

وَعَبْدَ اللهِ، وَهُوَ الطَّاهِرُ، وَهُوَ الطَّيِّبُ، سُمِّيَ بِالطَّاهِرِ وَالطَّيِّبِ لِأَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ، وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ وَهُوَ صَغِيرٌ.

أَمَّا القَاسِمُ فَقَدْ بَلَغَ مَرْحَلَةَ المَشْيِ ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَحَزِنَتْ عَلَيْهُ أُمُّهُ حُزْنًا شَدِيدًا، كَمَا حَزِنَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

بَنَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

زَيْنَبُ، رُقَيَّةُ، أُمُّ كُلثُومٍ، فَاطِمَةُ

كُلُّهُنَّ مِنْ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَكُلُّهُنَّ أَدْرَكْنَ الإِسْلَامَ، وَهَاجَرْنَ إلى المَدِينَةِ، وَهَاجَرَتْ رُقَيَّةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا الهِجْرَتَيْنِ.

زَيْنَبُ: عَاشَتْ مَعَ أَبَوَيْهَا أَسْعَدَ مَا يَعِيشُ إِنْسَانٌ بَيْنَ أَبَوَيْنِ كَرِيمَيْنِ، وَتَتَرَعْرَعُ الفَتَاةُ، وَتَشِبُّ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إِلَيْهَا ابْنُ خَالَتِهَا أَبُو العَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُوَ مِنْ أَكْرَمِ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَأَنْبَلِهِمْ، ثُمَّ هُوَ يَلْتَقِي نَسَبًا مَعَ الرَّسُولِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، في عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ، وَقَدْ عُرِفَ بِأَمَانَتِهِ، فَمُنِحَ ثِقَةَ النَّاسِ، فَكَانُوا يُعْطُونَهُ أَمْوَالَهُمْ لِيُتَاجِرَ بِهَا، فَتَقَدَّمَ حَتَّى صَارَ في الصَّفِّ الأَوَّلِ مِنْ أَثْرِيَاءِ قُرَيْشٍ.

وَانْتَقَلَتْ زَيْنَبُ إلى عُشِّ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدَّمَتْ لَهَا أُمُّهَا الجَلِيلَةُ قِلَادَةً يَوْمَ عُرْسِهَا كَانَ لَهَا شَأْنٌ وَأَيُّ شَأْنٍ بَعْدَ الهِجْرَةِ المُبَارَكَةِ بَعْدَ رَدْحٍ مِنَ الزَّمَنِ.

وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُ أَبِي العَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَدْ كَانَ يَخَافُ أَنْ يُقَالَ: تَرَكَ دِينَ آبَائِهِ مِنْ أَجْلِ امْرَأَتِهِ.

وَانْتَهَى الأَمْرُ إلى هِجْرَةِ السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ إلى المَدِينَةِ، وَفِرَاقِهَا لِزَوْجِهَا.

رُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ

خُطِبَتْ رُقَيَّةُ حِينَ بَلَغَتْ سِنَّ الزَّوَاجِ مَعَ أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ إلى وَلَدَيِّ أَبِي لَهَبٍ عُتْبَةَ وَعُتَيْبَةَ.

لَكِنْ مَا إِنْ بَدَأَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ بِالدَّعْوَةِ حَتَّى كَانَ عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ أَوَّلَ المُنَاهِضِينَ وَالمُجَاهِرِينَ بِالعَدَاوَةِ لَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ حَمَّالَةِ الحَطَبِ، فَكَانَ أَنْ طَلَبَ مِنْ وَلَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّا ابْنَتَيْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيَنْشَغِلَ بِهِمَا وَبِأُخْتِهِمَا فَاطِمَةَ، وَقَدْ أَرَادَ اللهُ تعالى صِيَانَتَهِمَا وَحِفْظَهِمَا مِنَ البَيْتِ الكَافِرِ.

أَمَّا رُقَيَّةُ فَقَدْ تَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَهَاجَرَ بِهَا الهِجْرَتَيْنِ، وَأَمَّا أُمُّ كُلْثُومٍ فَبَقِيَتْ مَعَ أُخْتَيْهَا فَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ في بَيْتِ أَبِيهِمَا الرَّسُولِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى هَاجَرَ إلى المَدِينَةِ، ثُمَّ لَحِقْنَ بِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ تَزَوَّجَ عُثْمَانُ أُمَّ كُلْثُومٍ بَعْدَ أُخْتِهَا، وَبَقِيَتْ مَعَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ هِيَ كَذَلِكَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِذِي النُّورَيْنِ، لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَتَيْنِ مِنْ بَنَاتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ أَحَدٌ بِنْتَيْ نَبِيٍّ غَيْرَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

**      **    **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 8/ ربيع الآخر /1444هـ، الموافق: 3/ تشرين الثاني / 2022م