31ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة

31ـ دينه صلى الله عليه وسلم دين يسر وسماحة

مقدمة الكلمة:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ الرَبَّانِيَّةِ بِالخَلِيقَةِ أَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ دِينَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دِينَ يُسْرٍ وَسَمَاحَةٍ، وَأَمَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَتْبَاعَهُ أَنْ لَا يُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَنْ يَلْتَزِمُوا الرِّفْقَ، لِأَنَّ الدِّينَ يَقْطَعُ المُتَشَدِّدَ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ (ذُو يُسْرٍ) وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ (أَيْ: لَنْ يُكَلِّفَ نَفْسَهُ مِنَ العِبَادَةِ فَوْقَ طَاقَتِهِ؛ وَالمُشَادَّةُ المُغَالَبَةُ) أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ (رَدَّهُ إلى اليُسْرِ وَالاعْتِدَالِ) فَسَدِّدُوا (الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ التَّوَسُّطُ في الأَعْمَالِ) وَقَارِبُوا (اقْتَرِبُوا مِنْ فِعْلِ الأَكْمَلِ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوهُ) وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ (اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ العِبَادَةِ بِإِيقَاعِهَا في الأَوْقَاتِ المُنَشِّطَةِ كَأَوَّلِ النَّهَارِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ وَآخِرَ اللَّيْلِ)».

وَرَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ (أَيْ: سِيرُوا مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا تُحَمِّلُوا أَنْفُسَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ فَتَعْجِزُوا وَتَتْرُكُوا العَمَلَ)».

وَرَوَى البَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلَا تُبَغِّضْ إلى نَفْسِكَ عِبَادَةَ رَبِّكَ، فَإِنَّ المُنْبَتَّ لَا سَفَرًا قَطَعَ، وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى».

المُنْبَتُّ: هُوَ الذي يُسَابِقُ بِالخَيْلِ أَو بِالجِمَالِ، فَيَسْبِقُ المُتَسَابِقِينَ في أَوَّلِ الطَّرِيقِ، وَيُجْهِدُ دَابَّتَهُ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ في وَسَطِ الطَّرِيقِ، فَلَا أَبْقَى ظَهْرَ دَابَّتِهِ، وَلَا قَطَعَ الطَّرِيقَ.

وَمَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: أَنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ صُلْبٌ، فَسِيرُوا فِيهِ بِرِفْقٍ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَلَا تُحَمِّلُوا أَنْفُسَكُمْ مَا لَا تُطِيقُونَ، فَتَعْجِزُوا وَتَتْرُكُوا العَمَلَ، وَتَكْرَهُوا الطَّاعَةَ بِسَبَبِ المَشَقَّةِ، فَإِنَّ المُنْبَتَّ المُنْقَطِعَ المُتَخَلِّفَ عَنْ رِفْقَتِهِ لِكَوْنِهِ أَجْهَدَ دَابَّتَهُ حَتَّى أَعْيَاهَا أَو عَطِبَتْ، وَلَمْ يَقْضِ وَطْرَهُ، لَا هُوَ قَطَعَ الأَرْضَ التي قَصَدَهَا، وَلَا هُوَ أَبْقَى ظَهْرَهُ يَنْفَعُهُ؛ وَكَذَلِكَ مَن تَكَلَّفَ مِنَ العِبَادَةِ مَا لَا يُطِيقُ.

وَرَوَى ابْنُ مَاجَه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ: «الْقُطْ لِي حَصًى».

فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ (الخَذْفُ: الرَّمْيِ بِالحَصَى مِنَ الأُصْبُعَيْنِ) فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ: «أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ، فَارْمُوا».

ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ (التَّشْدِيدَ فِيهِ وَمُجَاوَزَةَ الْحَدِّ) فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ».

وَرَوَى الحَاكِمُ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ بُرَيْدَةُ: خَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ أَمْشِي فِي حَاجَةٍ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فَظَنَنْتُهُ يُرِيدُ حَاجَةً، فَجَعَلْتُ أَكُفُّ عَنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى رَآنِي، فَأَشَارَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي جَمِيعًا، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ بَيْنَ أَيْدِينَا يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُرَى هَذَا يُرَائِي؟».

فَقُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: فَأَرْسَلَ يَدَهُ وَطَبَّقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُصَوِّبُهُمَا وَيَقُولُ: «عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا، عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا (أَيْ: طَرِيقًا مُعْتَدِلًا غَيْرَ شَاقٍّ، أَيْ: الْزَمُوا الْقَصْدَ فِي الْعَمَلِ وَهُوَ الأَخْذُ بِرِفْقٍ بِغَيْرِ غُلُوٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ) فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ».

الدِّينُ دِينُ يُسْرٍ وَسَمَاحَةٍ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَاءَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الدِّينِ الذي فِيهِ اليُسْرُ وَالسَّمَاحَةُ، وَحَذَّرَنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الغُلُوِّ وَالتَّشْدِيدِ في هَذَا الدِّينِ.

هُنَاكَ مَنْ يَنْهَمِكُ في الطَّاعَاتِ، وَيَحْرِمُ بَدَنَهُ حَقَّهُ مِنَ الرَّاحَاتِ وَالطَّيِّبَاتِ، فَهَذَا شَأْنُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلى الضَّعْفِ، أَو المَلَلِ، أَو السَّآمَةِ، إِذْ للإِنْسَانِ قُوَّةٌ وَطَاقَةٌ مَحْدُودَةٌ، فَإِذَا تَجَاوَزَهَا اعْتَرَاهُ الفُتُورُ، فَيُودِي بِهِ إلى الكَسَلِ وَالانْقِطَاعِ عَنِ العَمَلِ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ.

قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا.

وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ.

وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا.

فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟».

قَالَتْ: فُلَانَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلَاتِهَا (أَيْ: مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَأَنَّهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ).

قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا (أَيْ: لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ إِلَّا إِذَا انْقَطَعْتُمْ عَنِ العَمَلِ بِسَبَبِ إِفْرَاطِكُمْ فِيهِ)».

وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ.

وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً (أَيْ: لَابِسَةً ثِيَابَ المِهْنَةِ وَتَارِكَةً لِبَاسَ الزِّينَةِ) فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟

قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ؟

قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ.

قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ.

قَالَ: فَأَكَلَ.

فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ.

قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

يَعْنِي: أَحَبُّ الأَدْيَانِ إلى اللهِ تعالى هَذَا الدِّينُ الذي بُعِثَ بِهِ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، دِينٌ مَائِلٌ عَنِ الشِّرْكِ إلى التَّوْحِيدِ، مَائِلٌ عَنِ التَّعْسِيرِ إلى التَّيْسِيرِ، مَائِلٌ عَنِ الشِّدَّةِ إلى الرِّفْقِ وَاللِّينِ، فَهُوَ دِينُ سَمَاحَةٍ، لَيْسَ فِيهِ عُسْرٌ وَلَا شِدَّةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ.

فَلَا إِفْرَاطَ فِيهِ وَلَا تَفْرِيطَ، بَلْ هُوَ هَدْيٌ قَاصِدٌ، مُعْتَدِلٌ، قَالَ تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَلِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، صُمْ وَأَفْطِرْ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ».

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بِي قُوَّةً.

قَالَ: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا».

فَكَانَ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي أَخَذْتُ بِالرُّخْصَةِ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا يُرْضِيكَ عَنَّا. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 20/جمادى الأولى /1445هـ، الموافق: 4/كانون الأول / 2023م