10ـ مشكلات وحلول: الهدايا التي يقدمها منتجو السلع لمن يشتري سلعهم

 

السؤال: أعلنت بعض الشركات الكبرى عن تقديم هدايا غالية الثمن - سيارة - لمن يشتري من سلعها، والهدية يحوز عليها المشتري عن طريق القرعة، حيث يأخذ المشتري مع السلعة المشتراة ورقة كوبون تحمل رقماً، وتتم القرعة عن طريق المؤسسة العامة للإعلانات . فما هو الحكم الشرعي في هذه الهدية؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 الهدية التي تقدم ضمن السلعة المبيعة أو المرافقة للسلعة سواء كانت نقوداً أو سلعةً أو ورقة سحب هي جزء من المبيع بدون أي شك /وليست هبة/، لأن الهبة هي إعطاء المال لأحد إكراماً له وهي تمليك بلا عوض، فإذا كانت الهبة لا تعطى إلا بعقد شراء سلعة (ما) فتعتبر هذه الهدية جزءاً من المبيع، لأن المشتري يطالب بها إذا منعت عنه، والهبة خلاف ذلك.

أولاً: فإذا كانت الهبة نقوداً وهي من جنس الثمن ينظر:

1 إذا كانت هدية النقود من جنس الثمن ومساوية له أو تزيد، فسد البيع، وصار حراماً، لأنه صار هذا العقد بمنزلة الصرف، والصرف يجب فيه التساوي بين البدلين عند اتحاد الجنس، والتساوي هنا معدوم .

2 إذا كانت هدية النقود من جنس الثمن، وهي أقل من الثمن جاز البيع، ويعد أصل المبيع هو المكمل للثمن . هذا مع اشتراط التقابض في مجلس العقد، وإلا فسد البيع لعدم التقابض .

3 وإذا كانت هدية النقود من غير جنس الثمن جاز البيع، ولكن بشرط التقابض في مجلس العقد.

ثانياً: أما إذا كانت الهبة سلعة كسيارة أو غسالة أو ما شاكل ذلك، وهي معلومة المواصفات، ويستحقها المشتري للسلعة بدون اقتراع صح هذا البيع، وهو يستحق الهدية لأنها جزء من المبيع، والعلماء أباحوا بيع الخسيس بالنفيس .

ثالثاً: أما إذا كانت الهبة ورقة كوبون (سحب) يجري عليها الاقتراع لأخذ سيارة أو غسالة أو ما شاكل ذلك، فالبيع فاسد لأنها نوع من أنواع القمار واليانصيب، لأن المشتري اشترى السلعة مع ورقة السحب، وهذا هو عين القمار، وهو من الكبائر المحرمة .

وبناءً على ذلك:

هذه العقود التي تتم بين المستهلك والمنتج في شراء السلعة، ويقدم مع السلعة ورقة كوبون (سحب) من أجل ربح السيارة لأحد المشترين لا تجوز شرعاً، وهي من القمار والميسر المحرم شرعاً، وذلك لقول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} ولقوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.

ومفسدة القمار والميسر أعظم خطراً من مفسدة الربا، لأنه يشتمل على مفسدتين :

الأولى: أكل أموال الناس بالباطل، والله تعالى يقول: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.

الثانية: ومفسدة لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، لقوله تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}. هذا، والله تعالى أعلم.

وأخيراً أقول للإخوة التجار: اتقوا الله تعالى فيما أسبغ عليكم من نعم، ولا تزيدوا في أموالكم إلا ما كان مشروعاً، فكلوا الحلال وأطعموا الحلال، واتقوا الله ربكم. وكونوا حريصين كل الحرص على لقمة الحلال، لأن العلماء الربانيين قالوا: كُل ما شئت فمثله تعمل، فمن أكل الحلال فقد وفق للطاعة، ومن أكل الحرام وقع في المعصية، وأرجو الله تعالى لنا السداد جميعاً .