18ـ الكلمة التي ألقيت أمام اللجنة الأمنية في مركز الثقافة في مدينة الباب

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

السيد محافظ حلب وأعضاء اللجنة الأمنية:

بدايةً ونهايةً نحن مؤمنون بالله واليوم الآخر، وعلى يقين بأنَّ الموت يعمنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا والله يفصل بيننا، فالكل ماضٍ إلى الله، الحاكم والمحكوم، الظالم والمظلوم، القوي والضعيف، والرصيد النهائي للحساب هناك.

ونحن نقسم بالله العظيم بأننا لا نريد منكم إلا ما يصلحنا ويصلحكم، الوطنُ لنا جميعاً، وكلُّنا حريصون عليه، وكلُّنا متفقون على أن مطالب الناس حقٌ يجب أن يصل إليهم حقهم بدون إذلال لهم.

من هذا المنطلق، ومن خلال قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ) رواه مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه. أقول:

أولاً: حاوروا المواطنين بوساعة الصدر، ولو كنتم أصحاب القرار، فربنا عز وجل صاحب القدرة المطلقة، وهو خالق الجميع، قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}. فقالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}. فحاوروا المواطنين مهما كانت رتبكم، لأن الحوار الصادق أدعى إلى تماسك الأمة كلها حكاماً ومحكومين، وبذلك يُقطع الطريق على المتآمرين الحاقدين الذين يريدون دمار هذا البلد.

ثانياً: إنَّ كل قطرة دم تقع على الأرض سوف تسأل الأمة عنها وخاصة المسؤولين، وتذكروا قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في حجة الوداع: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ). رواه البخاري

وروى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِم). تفكروا في هذا الحديث جيداً، لزوال الدنيا، والكعبة المشرَّفة في الدنيا، فزوال الدنيا بما فيها الكعبة المشرَّفة أهون على الله من قتل رجل مسلم بغير حق.

ٍثالثاً: يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مطل الغني ظلم) ونحن وربِّ الكعبة لا نريدكم أن تكونوا ظالمين، لأنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار}.

نريد أن يرفق الله تعالى بكم، لأنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول داعياً: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) رواه مسلم عن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه. وأرجو أن نتنبه إلى هذا الحديث الشريف بأنه دعاء، ولا شكَّ ولا ريب في أنَّ دعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مستجاب.

والله نريد أن يفككم عدلُكم بين الناس يوم القيامة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (ما مِنْ مُسْلِمٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلا أُتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَكَّهُ بِرُّهُ، أَوْ أَوْثَقَهُ إِثْمُهُ، أَوَّلُهَا مَلامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآخِرُهَا عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه. أقول: من يحسدكم على مسؤوليتكم والله لا عقل له، وكيف يحسدكم عليها صاحب عقل وأولها ملامة، وأوسطها ندامة، وآخرها عذابٌ يوم القيامة؟

وأخيراً نقول وبكل صراحة: لقد سمعت الأمة من القيادة الكثير، وأعطت الأمة للقيادة الكثير،،واليوم نريد من القيادة أن تسمع للأمة ثم لترى الأمة من القيادة، لأن الأمة تهدأ عندما ترى لا عندما تسمع، فلا بد من الإنجازات التشريعية والمعاشية في أقرب وقت ممكن، ويجب أن يوضع حدٌ أعلى ومحدد للزمن من أجل الإنجازات.

أحمد النعسان

مفتي منطقة الباب

ألقيت هذه الكلمة بتاريخ 23/جمادى الأولى/1432 هـ الموافق 26/نيسان/2011م