27ـ أخلاق وآداب: آدابُ استعمالِ الهواتفِ النَّقَّالةِ

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أسبَغَ اللهُ تعالى على خلقِهِ نِعَماً لا تُعدُّ ولا تُحصى، ومن جُملةِ هذهِ النِّعمِ نِعمةُ الهاتفِ النَّقَّالِ، حيثُ وفَّرَ لنا الرَّاحةَ، والطُّمأنينةَ، وسُهولةَ الاتِّصالِ، وتوفيرَ الوقتِ، ولكنَّ بعضَ الناسِ استَخدَمَ هذهِ النِّعمةَ بالوُقوعِ في المُخالفاتِ الشَّرعيَّةِ، ونَسِيَ أنَّ كلَّ نِعمةٍ سيُسألُ العبدُ عنها يومَ القيامةِ، قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم﴾.

فحتى يكونَ هاتفُ الجوَّالِ نِعمةً لا نِقمةً، لا بُدَّ من مُراعاةِ الآدابِ التَّاليةِ:

1ـ اختيارُ رنَّةِ الهاتفِ بحيثُ لا تكونُ مُزعجةً، ولا بصوتِ مُرتفعٍ.

2ـ الحذرُ من جعلِ رنَّةِ الهاتفِ آيةً من كتابِ اللهِ تعالى، أو دُعاءً، أو مَديحاً للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأنَّ هذهِ الأمورَ عبادةٌ يُتقَرَّبُ بها إلى اللهِ تعالى، فلا يجوزُ أن تكونَ وسيلةَ تنبيهٍ.

3ـ الحذرُ من إحراجِ المُتَّصَلِ عليه، أينَ أنتَ؟ ومن أينَ تتكلَّمُ؟ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

4ـ التِماسُ العُذرِ بالمُتَّصَلِ عليه إن لم يَرُدَّ، وعدمُ الإلحاحِ عليه بالاتِّصالِ، حتى لا يكونَ فيه تشويشٌ على أهلِ المجلسِ الذي فيه المُتَّصَلُ عليه.

5ـ عدمُ تسجيلِ المكالماتِ بدونِ علمِ الطَّرفِ الثَّاني، وكذلك فتحُ مُكبِّرِ الصَّوتِ في حضرةِ أناسٍ موجودونَ مع المتَّصِلِ عليه، لأنَّ هذا من الخيانةِ، والخيانةُ ليست من وصفِ المؤمنِ.

6ـ الاقتصادُ والاقتصارُ من الاتِّصالاتِ، وإرسالِ الرَّسائلِ بدونِ فائدةٍ، لأنَّ هذا نوعٌ من أنواعِ ضَياعِ الأموالِ بدونِ فائدةٍ، وقد نهى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ من إضاعةِ المالِ من دونِ فائدةٍ. كما أخرج الإمام البخاري عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ».

7ـ التَّحذيرُ من الرَّسائلِ التي تحملُ في طَيَّاتِها الكذبَ، فضلاً عن الرَّسائلِ الغراميَّةِ، والعباراتِ القبيحةِ، والصُّورِ الخليعةِ التي لا تُرضي اللهَ تعالى، ولا تُرضي رسولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

8ـ عدمُ استعمالِ الهاتفِ في المعاكساتِ، وخاصَّةً مع حَجْبِ الرَّقمِ، لأنَّ هذا نوعٌ من أنواعِ الدَّناءَةِ والخِسَّةِ التي لا تليقُ بالمسلمِ.

9ـ عدمُ العَبَثِ بالجوَّالِ أثناءَ الجُلوسِ مع الآخرينَ.

10ـ عدمُ النَّظرِ في جوَّالاتِ الآخرينَ إلا بإذنِهِم.

11ـ الحذرُ من تصويرِ ما لا يَحِلُّ تصويرُهُ، وكذلك من تصويرِ النِّساءِ، ولو كانوا من مَحارِمِهِ، لأنَّ الهاتفَ عُرضةٌ للسَّرِقَةِ أو الضَّياعِ.

12ـ عَدَمُ حملِ الجوَّالِ باليدِ دائماً في المجالِسِ العامَّةِ.

أسألُ اللهَ تعالى أن يجعلَ نِعمةَ الهاتفِ الجوَّالِ نِعمةً تُستغلُّ في طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. آمين.

أخوكم أحمد النعسان

يرجوكم دَعوةً صالحةً

**    **     **

تاريخ المقال:

يوم الأربعاء 1 / شعبان / 1433هـ ، الموافق: 20 / حزيران / 2012م