أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

3092 - حكم الوليمة التي يصنعها أهل الميت

03-07-2010 31943 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم الوليمة التي يقوم بها أهل الميت في اليوم الثالث، وخاصة عندما يُدعى إليها الأغنياء قبل الفقراء؟ وما حكمها إذا كانت من مال الميت وفي ورثة الميت قُصَّر؟ وما حكمها إذا مات لإنسان ميت وهو فقير الحال ويتكلَّف في إقامتها؟ وأيهما أولى: ذبح الذبيحة وتوزيعها على الفقراء، أم صنع الطعام ودعوة الناس عليه، أم صرف المال لأصحاب الحاجة؟ وما حكم توزيع الحلوى بعد وفاة الميت؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3092
 2010-07-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أما عن حكم الوليمة في اليوم الثالث من الوفاة فقد ذهب الفقهاء إلى كراهية ذلك، لأن فيه زيادة مصيبة على أهل الميت، وشغلاً على شغلهم، وتشبُّهاً بأهل الجاهلية، وذلك لخبر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه حيث يقول: كُنَّا نَعُدُّ الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ. رواه أحمد. وهذا مخالف للسنة؛ لأن السنَّة أن يُصنَع الطعام لأهل الميت، لقوله صلى الله عليه وسلم: (اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ، أَوْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

وإذا كانت الوليمة المسنونة التي يُدعى إليها الأغنياء دون الفقراء شرَّ الطعام، كما جاء في الحديث الشريف: (شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه البخاري ومسلم، فكيف بوليمة أهل الميت إذا كان يُدعى إليها الأغنياء دون الفقراء؟

ثانياً: أما إذا كان الطعام الذي يُصنَع في اليوم الثالث من الوفاة من مال الميت، وكان في الورثة قُصَّر، فلا يجوز الأكل من هذا الطعام؛ لأنه أكلٌ لأموال اليتامى، وربُّنا عز وجل يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10].

وإن لم يوجد قاصر في ورثة المتوفى فيكره جعل الوليمة من تركة المتوفى خشية أن يؤخذ من مال الوارثين بسيف الحياء، وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام.

ثالثاً: أما إذا كان الوارث فقيراً وأراد أن يجعل وليمة للمورث في اليوم الثالث، وذلك بأن يستدين ليجعل الوليمة، فهي مكروهة كذلك؛ لأنها لا تخلو من الرياء والسمعة ومراقبة الخلق، هذا إذا كان يترك وفاءً لدَينه إذا انتهى أجله هو، أما إذا كان لا يترك وفاء فيحرم عليه فعل هذه الوليمة.

رابعاً: أما إذا أوصى الميت بذبح ذبيحة له بعد وفاته، فإنها تذبح من تركته إذا كانت قيمة الذبيحة أقل من ثلث التركة.

أما إذا كانت من مال المتوفى، ولم يوصِ بذبيحة، وكان في الوارثين قُصَّر، فلا يجوز ذبحها، وإن كانوا بالغين فتكره إذا كانت بالاتفاق منهم جميعاً، خشية أن تكون قيمة الذبيحة أخذت من الوارثين بسيف الحياء.

وتوزيع المال عن طيب نفس بعد أخذ كلِّ وارث حصته من التركة أولى من الذبح. هذا إذا لم يوصِ بها المتوفى، وإلا فالذبح هو الواجب.

خامساً: أما بالنسبة لتوزيع الحلوى بعد وفاة الميت، فإنها تكره عند الفقهاء، لأن الضيافة شرعت في الأفراح، ولم تشرع في الأتراح.

وأخيراً: اتباع السنة أولى من الابتداع، وخاصة عندما يكون الأمر عادة متَّبعة لا أصل لها في الشرع. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
31943 مشاهدة