أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7704 - هددها بالطلاق إذا لم تصافح الرجال

16-11-2016 2693 مشاهدة
 السؤال :
رجل هدد زوجته بالطلاق إذا لم تصافح الرجال الأجانب الذين يزورونه في البيت، فماذا تفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7704
 2016-11-16

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ بِقَوْلِ اللهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُـشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئَاً وَلَا يَـسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ بَايَعْتُكِ» كَلَامَاً، وَلَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ: «قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ».

فَهَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ المَعْصُومُ مِنَ الـبَشَرِ كَانَ لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ مِنَ الرِّجَالِ؟

وروى ابن ماجه عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ قَالَتْ: جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ، فَقَالَ لَنَا: «فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ، إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ».

وروى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ ِمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ».

ثانياً: جَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الفُقَهَاءِ في عَدَمِ جَوَازِ مَسِّ وَجْهِ الأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا وَإِنْ كَانَ يَأْمَنُ الشَّهْوَةَ.

ثالثاً: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ، فَإِذَا أَلْزَمَ  الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَنْ تُصَافِحَ الرِّجَالَ بِدُونِ حَائِلٍ فَلَا تُطِعْهُ، وَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، وَلْتُذَكِّرْهُ بِاللهِ تعالى، وَلْتَسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِأَهْلِ التَّقْوَى وَالصَّلَاحِ مِنْ أَهْلِهَا أَو أَهْلِهِ لإِقْنَاعِهِ بِالعُدُولِ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، وَتَذْكِيرِهِ بِاللهِ تعالى وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى كَانَ الزَّوْجُ آثِمَاً، وَلْتَكُنِ الزَّوْجَةُ على يَقِينٍ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى جَاعِلٌ لَهَا فَرَجَاً وَمَخْرَجَاً، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَوَعْدُهُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ وَاضِحٌ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجَاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾؟

وبناء على ذلك:

فَعَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُذَكِّرَ زَوْجَهَا بِاللهِ تعالى، وَتَسْتَعِينَ عَلَيْهِ بِاللهِ تعالى، وَلَا تُطِعْهُ في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَيْهَا بِأَنْ تُصَافِحَ الرِّجَالَ الأَجَانِبَ بِدُونِ حَائِلٍ فَلَا تُطِعْهُ، وَاللهُ تعالى وَلِيُّهَا وَمُتَوَلِّيهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2693 مشاهدة