الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالتَّخْدِيرُ الكُلِّيُّ لَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ إِلَّا إِذَا اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ كُلَّهُ، وَلَا يَأْثَمُ المَرِيضُ وَلَا الطَّبِيبُ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ نَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ نَوَى الصِّيَامَ وَأَفَاقَ لَحْظَةً مِنَ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ، وَالتَّخْدِيرُ الكُلِّيُّ بِحُكْمِ الإِغْمَاءِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا كَانَ التَّخْدِيرُ الكُلِّيُّ لِلْمَرِيضِ بِالحَقْنِ الوَرِيدِيِّ لَمْ يَسْتَغْرِقِ النَّهَارَ كُلَّهُ فَلَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ، وَأَمَّا إِذَا اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ كُلَّهُ بَطَلَ صَوْمُهُ.
وَمَا دَامَ العَبْدُ مَرِيضًا وَيَحْتَاجُ إِلَى عَمَلِيَّةٍ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا بِالتَّخْدِيرِ العَامِّ فَلَهُ رُخْصَةٌ فِي الفِطْرِ.
وَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾. وَيَقُولُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾. وَيَقُولُ تَعَالَى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.