الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد أخرج الإمام الترمذي في سننه عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عن أبيه عن جده رضي الله عنهم (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا).
وأخرج الإمام مالك في الموطأ عنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ). وفي رواية عند البخاري: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ).
وجاء في الفتاوى الهندية: (الْقَصُّ سُنَّةٌ فِيهَا، وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ الرَّجُلُ لِحْيَتَهُ فَإِنْ زَادَ مِنْهَا عَلَى قَبْضَتِهِ قَطَعَهُ).
لذلك قال فقهاء الحنفية: إن أخذ ما زاد عن القبضة سنة.
وفي قول آخر لهم: يجب قطع ما زاد عن القبضة، كما جاء في حاشية ابن عابدين.
وبناء على ذلك:
فمن السنة أخذ ما زاد من اللحية عن قبضة الكف، لأن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها أو عرضها لعرَّض نفسه لمن يسخر به.
وقال القاضي عياض كما جاء في فتح الباري: (يُكْرَه حَلْق اللِّحْيَة وَقَصّهَا وَتَحْذِيفهَا، وَأَمَّا الأَخْذ مِنْ طُولهَا وَعَرْضهَا إِذَا عَظُمَتْ فَحَسَن، بَلْ تُكْرَه الشُّهْرَة فِي تَعْظِيمهَا كَمَا يُكْرَه فِي تَقْصِيرهَا). هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
