الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى في كتابه العظيم: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32].
وقيَّد ربُّنا عز وجل التعامل مع المباحات بعدم الإسراف، فقال تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} [الأعراف: 31]. وقال تعالى في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].
وقال الفقهاء: الإسراف في الطعام هو ما زاد على الشِّبَع، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وأن يأكل كلَّما اشتهى، وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّ مِنْ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ) رواه ابن ماجه.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: صرف المال إلى الأطعمة النفيسة التي لا تليق بحاله تبذير.
وأما بالنسبة للباس: فلا حرج في لبسه ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ) رواه ابن ماجه.
ويقول العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى: يلبس بين الخسيس والنفيس، إذ خير الأمور أوسطها.
ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ) رواه مسلم.
وبناء على ذلك:
فالمؤمن يأكل من الطعام أطيبه بدون إسراف فيه، فيجعل ثلثاً لطعامه، وثلثاً لشرابه ، وثلثاً لنَفَسه.
أما بالنسبة للباس فيلبس بين الخسيس والنفيس، بدون كِبر واستعلاء. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |