الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: التعامل بالربا أكلاً أو إطعاماً أو كتابة أو كفالة أو شهادة كلُّه حرام، للحديث الذي رواه الإمام مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ).
ثانياً: الدخول إلى ديار الظالمين ومكاتبهم، ومجالستهم والاختلاط معهم حذرنا الله تعالى منها بقوله تعالى: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين}.
ثالثاً: رزق العباد مقسوم ومقدَّر قبل أن تنفخ الروح في جسد الإنسان، ودائرة الحلال تكفي العباد، ويحرم عليهم الخروج منها إلى دائرة الحرام، وربُّنا عز وجل يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ) رواه مسلم.
والربا وما يتعلَّق به من معاملات منهي عنه بالاتفاق عند جمهور العلماء، والعبد عندما يكون تقياً فإن الله تعالى لا يتخلى عنه، ويجعل له من أمره فرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}، ومن لزم الاستغفار وسع الله تعالى له في رزقه، قال تعالى حكاية عن سيدنا نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.
وبناء على ذلك:
فإذا كان عملك له تعلق في المعاملات الربوية، فإنه لا يجوز لك العمل فيه، ويكون كسبك حراماً إذا قمت به؛ وأما إذا كان عملك في المصرف الزراعي لا علاقة له في المعاملات الربوية، فمن حيث الفتوى لا حرج عليك شرعاً إن شاء الله تعالى، ودخلك يكون في شبهة، والأولى لك عندها أن تبحث عن عمل حلال لا شبهة فيه. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
