الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالحِجر هو القسم الخارج عن جدار الكعبة المشرَّفة، وهو بناء مستدير على شكل نصف دائرة، شمال الكعبة المشرَّفة، يرتفع عن الأرض بقدر متر ونصف.
والحِجر هو جزء من الكعبة المشرَّفة من قواعد إبراهيم عليه السلام، حيث قام سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة، وكان مشتملاً على هذا الحِجر.
ولما تصدَّعت جدران الكعبة المشرَّفة من أثر حريق وسيل جارف قبل بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، هدمت قريش البيت ثم أعادت بناءه، فقصرت بها النفقة الطيبة عن إتمام الكعبة، فقالوا: نبني ما تحتمله النفقة، والباقي نجعله خارجاً، ونحجر عليه حتى لا يطوف به أحد دونه، ومن هنا سُمِّي حجراً، وقد جاء في الحديث الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الجَدْرِ: أَمِنْ البَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَلِمَ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي البَيْتِ؟ قَالَ: إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ، قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَالَ: فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاؤُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاؤُوا، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، لَنَظَرْتُ أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ فِي البَيْتِ، وَأَنْ أُلْزِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
وبناء على ذلك:
فتسمية الحِجر بحجر إسماعيل السلام ليس له أصل من السنة المطهرة، بل هي تسمية عامة، وما صحَّ بأن سيدنا إسماعيل عليه السلام دفن فيه، ولا علم لسيدنا إسماعيل عليه السلام بهذا الحِجر، لأنه عندما قام ببناء الكعبة مع أبيه سيدنا إبراهيم عليه السلام كان الحِجر داخل بناء الكعبة المشرَّفة، ومن هنا لا يصحُّ الطواف من داخل الحِجر، ومن صلَّى فيه فقد صلى في الكعبة المشرَّفة، ويقال عن الحِجر: الحطيم، لأن الذنوب تحطم فيه، أي تغفر وتمحى بفضل التوبة الصادقة، ويقال له: الحطيم، لأنه حُطِم من الكعبة المشرَّفة. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
