أفسد علاقتها مع زوجها وتزوَّجها

4570 - أفسد علاقتها مع زوجها وتزوَّجها

03-12-2011 5563 مشاهدة
 السؤال :
رَجُلٌ مُتَزَوِّجٌ وَلَهُ أَوْلَادٌ، تَعَرَّفَ عَلَى امْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ، وَأَفْسَدَ عَلَيْهَا عَلَاقَتَهَا مَعَ زَوْجِهَا، فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَبَعْدَ عِدَّتِهَا تَزَوَّجَ مِنْهَا، فَهَلْ يُعْتَبَرُ زَوَاجُهُ صَحِيحَاً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4570
 2011-12-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ خِبٌّ وَلَا مَنَّانٌ وَلَا بَخِيلٌ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. والترمذي وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ غِرٌّ كَرِيمٌ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ خِبٌّ لَئِيمٌ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وفي حَدِيثٍ ثَالِثٍ: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وفي حَدِيثٍ رَابِعٍ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ أَنَّ التَّخْبِيبَ حَرَامٌ، وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَتَخْبِيبُ الزَّوْجَةِ يَعْنِي خِدَاعَهَا وَإِفْسَادَهَا، أَو تَحْسِينَ الطَّلَاقِ إِلَيْهَا لِيَتَزَوَّجَهَا، أَو يُزَوِّجَهَا لِغَيْرِهِ.

ثانياً: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ» رواه الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَإِذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَ مِنْ خِطْبَةِ الرَّجُلِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُفْسِدُ المَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا لِيَتَزَوَّجَهَا؟

ثالثاً: يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقَاً مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ» رواه أبو داود والترمذي عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وفي رِوَايَةٍ عِنْدَ الترمذي: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ».

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ» رواه الترمذي عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَا فَعَلَهُ هَذَا الرَّجُلُ وَالمَرْأَةُ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَلَعِبَ بِهِمَا الشَّيْطَانُ، أَمَا كَانَ يَكْفِي هَذَا الرَّجُلَ أَنْ يَبْقَى في دَائِرَةِ الحَلَالِ، وَيَتْرُكَ تِلْكَ المَرْأَةَ في دَائِرَةِ الحَلَالِ؟ أَمَا كَانَ بِوُسْعِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَةً ثَانِيَةً بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ؟ وَمَا هُوَ الجَوَابُ الذي هَيَّآهُ للهِ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَمَا يَسْأَلُهُ وَيَسْأَلُهَا عَنْ هَذِهِ الجَرِيمَةِ؟ وَهَلْ يَرْضَى هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يُعَاقَبَ مِنْ نَفْسِ عَمَلِهِ؟ وَهَلْ يَرْضَى هَذَا لِمَحَارِمِهِ؟

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَأَرْجُو اللهَ لَنَا وَلَهُمَا التَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ النَّصُوحَ.

أَمَّا مِنْ حَيْثُ زَوَاجُهُ مِنْهَا، فَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ الزَّوَاجُ صَحِيحٌ، وَهُوَ وَهِيَ آثِمَانِ، وَخَالَفَ في ذَلِكَ المَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الحَنَابِلَةِ، وَقَالُوا: بِأَنَّ الزَّوْجَةَ المُخَبَّبَةَ حَرُمَتْ عَلَى مَنْ أَفْسَدَهَا حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً، مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، للقَاعِدَةِ: (مَنِ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ).

جَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: مُصْطَلَحُ (إِفْسَاد):

يَحْرُمُ إِفْسَادُ المَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» فَمَنْ أَفْسَدَ زَوْجَةَ امْرِئٍ، أَيْ: أَغْرَاهَا بِطَلَبِ الطَّلاقِ، أَوِ التَّسَبُّبِ فِيهِ، فَقَدْ أَتَى بَابَاً عَظِيمَاً مِنْ أَبْوَابِ الكَبَائِرِ.

وَقَدْ صَرَّحَ الفُقَهَاءُ بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ وَزَجْرِهِ، حَتَّى قَالَ المَالِكِيَّةُ بِتَأْبِيدِ تَحْرِيمِ المَرْأَةِ المُخَبَّبَةِ عَلَى مَنْ أَفْسَدَهَا عَلَى زَوْجِهَا، مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَلِئَلَا يَتَّخِذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى إِفْسَادِ الزَّوْجَاتِ.

وَكَيْفَ يَأْمَنُ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَتَخَلَّى عَنْ زَوْجِهَا عِنْدَ أَيِّ إِغْرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِ.

وَكَيْفَ تَأْمَنُ المَرْأَةُ مِنْ رَجُلٍ خَبَّبَهَا عَلَى زَوْجِهَا أَلَّا يُعِيدَ الكَرَّةَ فَيُخَبِّبَ غَيْرَهَا وَيُهْمِلَهَا كَمَا فَعَلَ بِزَوْجَتِهِ الأُولَى. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5563 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الأسرة والعلاقات الاجتماعية

 السؤال :
 2021-08-29
 2523
إِنْسَانٌ أَسَاءَ إِلَيَّ كَثِيرًا، وَأَنَا أَسُبُّهُ وَأَشْتُمُهُ في نَفْسِي، فَهَلْ في ذَلِكَ مِنْ حَرَجٍ شَرْعِيٍّ عَلَيَّ؟
 السؤال :
 2020-12-30
 1208
هَلِ الحَيَاةُ الزَّوْجِيَّةُ مُرْتَبِطَةٌ بِاسْمِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ شَقَاءً وَضَنْكًا أَو سَعَادَةً؟
 السؤال :
 2020-06-30
 585
هَلْ مِنْ نَصِيحَةٍ لِحَمَاةِ الزَّوْجَةِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُصْلِحَ حَالَهَا؟
 السؤال :
 2020-03-01
 927
أُمِّي مُقِيمَةٌ في بَلْدَةٍ غَيْرِ التي أَنَا أُقِيمُ فِيهَا، وَتَطْلُبُ مِنِّي زِيَارَتَهَا، وَعِنْدِي أَوْلَادٌ لَا أَسْتَطِيعُ السَّفَرَ بِهِمْ، وَزَوْجِي صَاحِبُ عَمَلٍ، وَهُوَ لَا يُعَارِضُ بِشَأْنِ زِيَارَةِ أُمِّي، وَلَكِنْ يَرْجُونِي أَنْ لَا أَجْعَلَهُ في حَرَجٍ في سَفَرِي، فَمَاذَا أَفْعَلُ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 2342
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، وَيَأْمُرُهَا وَالِدَاهَا بِزِيَارَتِهِمَا كَثِيرًا، وَالزَّوْجُ يَرْفُضُ هَذَا إِلَّا في حُدُودِ المَعْقُولِ وَالمُتَعَارَفِ، فَلِمَنْ تُطِيعُ الزَّوْجَةُ في هَذَا الحَالِ؟
 السؤال :
 2020-03-01
 3877
أَخِي تَزَوَّجَ مِنِ امْرَأَةٍ، وَهِيَ تَسْكُنُ عِنْدَنَا في البَيْتِ، وَلَكِنَّهَا سَيِّئَةُ الأَخْلَاقِ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ نَتَعَامَلُ مَعَهَا؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413173996
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :