الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ الله».
ولم يثبُت في الأحاديثِ الشريفةِ أنَّ من أبغَضَ واحداً من آلِ بيتِ سيدنا رسولِ اللهِ .... يكونُ آيِساً من رحمةِ الله تعالى.
وبناء على ذلك:
فالذي يُكتبُ على جبينِهِ (آيِسٌ من رحمةِ الله تعالى) هوَ من أعانَ على قَتْلِ مؤمنٍ بغيرِ حقٍّ، هذا إذا أعانَ على قتْلِهِ، فكيفَ بمن قَتَلَهُ بغيرِ حقٍّ ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ؟ قال تعالى في حقِّ القاتِلِ بغيرِ حقٍّ: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾.
أمَّا بُغضُ واحدٍ من آلِ بيتِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فهذا لا يليقُ بالعبدِ المؤمنِ، وكيفَ يُبغِضُ واحداً من آلِ البيتِ والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقولُ: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ، فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ، فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» رواه الإمام أحمد والترمذي.
فبُغضُ واحدٍ من آلِ البيتِ، وخاصَّةً ممَّن كانَ له شَرَفُ الصُّحبةِ جريمةٌ كُبرى في حقِّ المُبغِضِ، وإذا أبغَضَ الرَّجُلُ واحداً من آلِ البيتِ من غيرِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم لمُخالفةٍ شرعيَّةٍ فمن حقِّهِ أن يُبغِضَ، ولكن يُبغِضُ الفِعلَ لا الذَّاتَ، وذلك لقوله تعالى حكايةً على لِسانِ سيِّدِنا لوط عليه السَّلامُ حينَ خاطَبَ قومَهُ: ﴿إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِين﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |