تغيير المنكر لمن هو قادر عليه

5843 - تغيير المنكر لمن هو قادر عليه

17-05-2013 55028 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم من رأى منكراً، وكان قادراً على تغييره، ولم يغيره؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5843
 2013-05-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اتَّفَقَ الفقهاءُ على أنَّ المنكرَ مَنهِيٌّ عنهُ، وأنَّهُ يَجِبُ النَّهيُ عن المنكرِ، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾. وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

يقولُ الإمامُ الغزالِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: الأمْرُ بالمعروفِ والنَّهيُ عن المنكَرِ أصلُ الدِّينِ، وأساسُ رِسالَةِ المرسَلينِ، ولو طُوِيَ بِساطُهُ، وأُهمِلَ عِلْمُهُ وَعَمَلُهُ، لَتَعَطَّلَتِ النُّبُوَّةُ واضْمَحَلَّتِ الدِّيانَةُ، وَعَمَّتِ الفَوضَى، وَهَلَكَ العِبادُ.

وذَهَبَ جُمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكَرِ هوَ فَرضُ كِفايَةٍ، إذا قامَ بِهِ البعضُ سَقَطَ الإثمُ عن الآخَرينَ، إلا إذا لم يَكُن أحَدٌ سِواهُ صارَ في حَقِّهُ فَرضَ عَينٍ، وكذلكَ في حقِّ الزَّوجِ والوالِدِ.

ومن شُروطِ تَغييرِ المنكَرِ:

1ـ أن يكونَ مُجمَعاً على أنَّهُ منكَرٌ.

2ـ أن يكونَ المنكَرُ موجوداً في الحالِ.

3ـ أن يكونَ المنكَرُ ظاهِراً بِغَيرِ تَحَسُّسٍ.

4ـ أن لا يُؤَدِّي تَغييرُهُ إلى ما هوَ أعظَمَ منهُ مَفسَدَةً.

5ـ أن يأمَنَ الإنسانُ على نفسِهِ ومالِهِ من التَّلَفِ.

يقولُ سيِّدُنا حُذَيفَةُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: إنَّ النَّاسَ كانوا يَسألونَ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عن الخَيرِ، وكُنتُ أسألُهُ عن الشَّرِّ، أفلا تسألونَ عن مَيِّتِ الأحياءِ.

فقالَ: إنَّ اللهَ تعالى بَعَثَ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا النَّاسَ من الضَّلالَةِ إلى الهُدى، ومن الكُفرِ إلى الإيمانِ، فاستَجابَ لهُ من استَجابَ، فَحَيِيَ بالحقِّ من كانَ مَيْتاً، وماتَ بالباطِلِ من كانَ حَيَّاً، ثمَّ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ فكانَتِ الخِلافَةُ على مَناهِجِ النُّبُوَّةِ، ثمَّ يكونُ مُلكاً عَضوضَاً، فمنَ النَّاسِ من يُنكِرُ بِقَلبِهِ ويَدِهِ ولِسانِهِ والحقَّ استَكمَلَ، ومنهُم من يُنكِرُ بِقَلبِهِ ولِسانِهِ كَافَّاً يَدَهُ وشُعبَةً من الحقِّ تَرَكَ، ومنهُم من يُنكِرُ بِقَلبِهِ كَافَّاً يَدَهُ ولِسانَهُ وشُعبَتَينِ من الحقِّ تَرَكَ، ومنهُم من لا يُنكرُ بِقَلبِهِ ولِسانِهِ فَذلِكَ مَيِّتُ الأحياءِ. من حلية الأولياء.

وبناء على ذلك:

 فمن رأى منكَراً بالشُّروطِ التي ذَكَرناها، وكانَ قادِراً على تَغييرِهِ ولم يُغَيِّرهُ فهوَ مَيِّتُ الأحياءِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
55028 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1189
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 224
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 582
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2835
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1251
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7509
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413195045
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :