هل يسن حلق الشعر؟

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فما ثَبَتَ أنَّ سيِّدَنا رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ شَعرَهُ بالموسى إلا بعدَ أداءِ العُمرَةِ أو الحجِّ، يقولُ سيِّدُنا عليٌّ رَضِيَ اللهُ عنهُ: كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ شَعَرِ الرَّأْسِ رَاجِلَهُ. رواه الإمام أحمد.

وتقولُ السَّيِّدَةُ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عنها: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ الْوَفْرَةِ، وَدُونَ الْجُمَّةِ. رواه الإمام أحمد.

معنى الْوَفْرَةِ: الشَّعرُ المجتمِعُ على الرَّأسِ، أو ما جاوَزَ شَحمَةَ الأُذُنِ.

ومعنى الْجُمَّةِ: مُجتَمَعُ شعرِ النَّاصِيَةِ.

وبناء على ذلك:

 فما ثَبَتَ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَلَقَ شعرَ رأسِهِ بالكُلِّيَّةِ ـ يعني بالموس ـ إلا بعدَ الانتِهاءِ من مَناسِكِ الحجِّ أو العُمرَةِ.

واتَّفَقَ الفقهاءُ على أنَّ حلقَ شعرِ الرَّأسِ بالكُلِّيَّةِ سُنَّةٌ في أربَعِ أحوالٍ فقط:

الأوَّلُ: بعدَ رَميِ جمرةِ العَقَبَةِ الكُبرى.

الثَّاني: بعدَ الانتِهاءِ من العُمرَةِ، قال تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾.

الثَّالثُ: حلقُ رأسِ الصَّبيِّ في اليومِ السَّابِعِ لولادَتِهِ، لما رواه الترمذي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: عَقَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ بِشَاةٍ، وَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً».

الرَّابِعُ: الكافِرُ إذا أسلَمَ، لما رواه الإمام أحمد وأبو داوود عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ، فَقَالَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ: أَحْلِقُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي آخَرُ مَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِآخَرَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ».

ولا يُستَحَبُّ حلقُ الشَّعرِ في غيرِ ذلكَ.

وأمَّا إذا حَلَقَ الإنسانُ شعرَ رأسِهِ بالكلِّيَّةِ بالموسى فلا حَرَجَ بِشَرطِ أن يعلَمَ بأنَّ هذا ليسَ من السُّنَّةِ بشكلٍ عامٍّ. هذا، والله تعالى أعلم.