الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى الشيخان عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَحْرُمُ مِن الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِن النَّسَبِ».
وروى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، أَنَّ سَالِماً مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ، فَأَتَت ـ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ ـ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِماً قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً.
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:«أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَب الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ».
فَرَجَعَتْ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ، فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ.
ونَصَّ الفُقَهَاءُ بأنَّ المَرأَةَ إذا أَرضَعَتْ وَلَدَاً في سِنِّ الرَّضَاعِ، يَعنِي قَبلَ أن يَتَجَاوَزَ السَّنَتَينِ، يُصْبِحُ ابنَاً لَهَا من الرَّضَاعِ، وبهذا الرَّضَاعِ يَحْرُمُ مَا يَحْرُمُ من النَّسَبِ.
وبناء على ذلك:
فإذا أَرضَعَتْ بِنتُ هذهِ المَرأَةِ هذا الطِّفْلَ، صَارَ ابنَاً لَهَا، وصَارَتْ أُمُّهَا جَدَّةً لَهُ من الرَّضَاعِ، ويَكُونُ مَحْرَمَاً لَهَا في المُستَقبَلِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |