الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ذَكَرَ اللهُ تعالى المُحَرَّمَاتِ على الرِّجَالِ في سُورَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾. ثمَّ قَالَ: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾. يَعنِي: يَحْرُمُ نِكَاحُ المَرْأَةِ المُتَزَوِّجَةِ.
ونَصَّ الفُقَهَاءُ على أَنَّ الرَّجُلَ إذا عَقَدَ زَوَاجَهُ على امْرَأَةٍ وهوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لرَجُلٍ آخَرَ، كَانَ زَوَاجُهُ بِهَا بَاطِلاً، ولا عِدَّةَ عَلَيهَا وَلَو دَخَلَ بهَا، لأَنَّ وَطْأَهُ لَهَا زِنَا، والزِّنَا لا حُرْمَةَ لَهُ.
أَمَّا إذا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وهي في عِصْمَةِ زَوْجِهَا الأَوَّلِ، وهوَ لا يَعْلَمُ، وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مُبَاشَرَةً، ولا عِبْرَةَ لهذا العَقْدِ إذا لَمْ يَتِمَّ الدُّخُولُ بِهَا، فَإِنْ تَمَّ الدُّخُولُ بِهَا بَعدَ العَقْدِ وهوَ لا يَعْلَمُ أَنَّهَا في عِصْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِهِ فَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مُبَاشَرَةً، وتَعْتَدُّ مِنهُ.
وبناء على ذلك:
فإذا كَانَ الرَّجُلُ لا يَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِرَجُلٍ آخَرَ، فلا قِيمَةَ لهذا العَقْدِ إذا لَمْ يَتِمَّ الدُّخُولُ بِهَا، فإذا تَمَّ الدُّخُولُ وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا مُبَاشَرَةً، مَعَ وُجُوبِ العِدَّةِ عَلَيهَا؛ أَمَّا إذا تَزَوَّجَهَا وهوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَةٌ للغَيْرِ، فهذا زِنَا يُوجِبُ إِقَامَةَ الحَدِّ عَلَيهِمَا. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |