الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ نَصَّ فُقَهَاءُ الحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الرَّجُلَ يُمْنَعُ مِنَ الزَّوَاجِ بِالخَامِسَةِ حَتَّى تَنْتَهِيَ عِدَّةُ المُطَلَّقَةِ الرَّابِعَةِ، كَمَا يُمْنَعُ مِنَ الزَّوَاجِ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ، أَو عَمَّتِهَا، أَو خَالَتِهَا، حَتَّى تَنْتَهِيَ عِدَّةُ زَوْجَتِهِ.
لِأَنَّ العِدَّةَ لَهَا حُكْمُ النِّكَاحِ القَائِمِ عَلَى وَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، إِذْ تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ عَلَى المُطَلِّقِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الوَلَدِ مِنْهُ.
جَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ فِي عِصْمَتِهِ، فَلَا يَتَزَوَّجُ بِخَامِسَةٍ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَرْبَعٌ سِوَاهَا، إِمَّا حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُطَلِّقْ إِحْدَاهُنَّ، وَإِمَّا حُكْمَاً، كَمَا إِذَا طَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ وَلَا تَزَال فِي عِدَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنَاً بَيْنُونَةً صُغْرَى أَوْ كُبْرَى، وَهَذَا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ.
وَأَمَّا المَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، فَقَدْ أَجَازُوا التَّزَوُّجَ بِخَامِسَةٍ إِذَا كَانَتْ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ الأَرْبَعِ فِي العِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ البَائِنَ يَقْطَعُ الزَّوْجِيَّةَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَلَا يَكُونُ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ فِي عِصْمَتِهِ.
وبناء على ذلك:
فَهَذَا الزَّوَاجُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَصَحِيحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالأَوْلَى الأَخْذُ بِقَوْلِ الحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الأَسْلَمُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |