الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى وَلَدِكَ أَنْ يُفَكِّرَ في ذُرِّيَّتِهِ قَبْلَ أَن يَتَزَوَّجَ مِنَ الكِتَابِيَّةِ، لِأَنَّهُ في المُسْلِمَاتِ كِفَايَةٌ وَللهِ الحَمْدُ، فَلِمَاذَا أَسْرَعَ وَتَزَوَّجَ مَنْ كِتَابِيَّةٍ وَتَرَكَ المُسْلِمَةَ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ»؟ رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. هذا أولاً.
ثانياً: إِذَا أَلْزَمَهَا بِعَدَمِ الحَمْلِ عَاشَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مَحْرُومٌ مِنَ الذُّرِّيَّةِ التي هِيَ مَقْصِدٌ مُهِمٌّ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» رواه الحاكم عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: إذَا كَانَ وَلَدُكَ يَخَافُ عَلَى دِينِ أَوْلَادِهِ، لِأَنَّ شَخْصِيَّةَ زَوْجَتِهِ أَقْوَى مِنْ شَخْصِيَّتِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ تَرْبِيَةُ أَوْلَادِهِ عَلَى دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ أَسْبَابَ مَنْعِ الإِنْجَابِ، وَلَو لَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ بِذَلِكَ.
وَطَبْعَاً عَلَيْهِ أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ لِوُجُودِ المَشَاكِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ تَرْغَبُ هِيَ بِالإِنْجَابِ.
وبناء على ذلك:
فَمِنْ حَقِّ وَلَدِكَ أَنْ يُلْزِمَهَا بِبَعْضِ وَسَائِلِ مَنْعِ الحَمْلِ إِذَا كَانَ يَخْشَى عَلَى دِينِ أَوْلَادِهِ، وَلَكِنْ كَيْفَ سَتَكُونُ حَيَاتُهُ مَعَ زَوْجَتِهِ؟ اللهُ تعالى أَعْلَمُ؛ وَصَدَقَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القَائِلُ: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ». هذا، والله تعالى أعلم.