الأربعين والسنوية للميت

9394 - الأربعين والسنوية للميت

20-01-2019 23749 مشاهدة
 السؤال :
مات والدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، ونريد أن نجعل له وليمة في أربعينيته، فهل في ذلك حرج شرعي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9394
 2019-01-20

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى اسْتِحْبَابِ التَّعْزِيَةِ لِمُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، لِمَا روى الإمام مسلم عَنْ حَفْصَةَ، أَوْ عَنْ عَائِشَةَ، أَوْ عَنْ كِلْتَيْهِمَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ـ أَوْ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ـ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجِهَا».

وَكَرِهُوا التَّعْزِيَةَ بَعْدَ ثَلَاثٍ إِلَّا لِغَائِبٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ المَقْصُودَ مِنَ التَّعْزِيَةِ سُكُونُ قَلْبِ أَهْلِ المُتَوَفَّى، وَالغَالِبُ سُكُونُهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَلَا يُجَدَّدُ الحُزْنُ بِالتَّعْزِيَةِ.

ثانياً: يُسَنُّ صُنْعُ الطَّعَامِ لِأَهْلِ المَيْتِ مِنْ قِبَلِ الأَقَارِبِ وَالجِيرَانِ، لِمَا روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نُعِيَ جَعْفَرٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامَاً، فَقَدْ أَتَاهُمْ أَمْرٌ يَشْغَلُهُمْ».

وَأَمَّا أَنْ يَصْنَعَ أَهْلُ المَيْتِ طَعَامَاً، وَيَجْمَعُوا النَّاسَ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالاتِّفَاقِ إِذَا كَانَ مِنْ مَالِهِمْ لَا مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِمْ وَفِي الوَرَثَةِ قُصَّرٌ صَارَ الطَّعَامُ حَرَامَاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَاً﴾.

وروى الإمام أحمد عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ المَيِّتِ وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنَّ الاجْتِمَاعَ في الأَرْبَعِينِيَّةِ للمُتَوَفَّى، أَو السَّنَوِيَّةِ، وَجَعْلَ الطَّعَامِ لَيْسَ مِنْ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَجْدِيدِ الأَحْزَانِ وَإِثَارَةِ الأَشْجَانِ.

يَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَأَكْرَهُ المَأْتَمَ، وَهِيَ الجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الحُزْنَ، وَيُكَلِّفُ المُؤْنَةَ.

وَجَاءَ في حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَّى مَرَّةً أَنْ يُعَزِّيَ مَرَّةً أُخْرَى.

وَلَكِنْ لَا حَرَجَ مِنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ عَنِ المَيْتِ في أَيِّ وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ، بِدُونِ تَحْدِيدِ زَمَنٍ مِنَ الأَزْمِنَةِ، لِأَنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ في الاتِّبَاعِ لِسَلَفِ الأُمَّةِ، وَالشَّرَّ كُلَّ الشَّرِّ في الابْتِدَاعِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
23749 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1172
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 219
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 582
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2822
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1247
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7489
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412980831
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :