الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: روى الشيخان عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ».
الكَمْأَةُ تَنْبُتُ في الأَرْضِ مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ، لَا سَاقَ لَهَا وَلَا وَرَقَ، وَيُقَالُ عَنْهَا: نَبَاتُ الرَّعْدِ؛ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الفُطُورِ التي تَتَنَاثَرُ أَبْوَاغُهَا (وَالأَبْوَاغُ هِيَ كَالبُذُورِ للنَّبَاتِ) وَتَنْمُو بِتَثْبِيتِ الآزُوتِ مِنَ الجَوِّ، فَلَا تَحْتَاجُ للجُذُورِ وَالسُّوقِ كَالنَّبَاتِ.
ثانياً: لم يَثْبُتْ عِلْمِيَّاً كَيْفَ يُسْتَخْدَمُ مَاؤُهَا عِلَاجَاً للعَيْنِ، وَإِنِّي أَرَى هَذَا مِنْ تَقْصِيرِ أَطِبَّاءِ العُيُونِ، حَيْثُ لَمْ يَهْتَمُّوا بِشَأْنِ مَاءِ الكَمْأَةِ التي حَدَّثَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ للعَيْنِ بِحَقٍّ، وَلَكِنْ كَيْفَ يُسْتَخْدَمُ مَاؤُهَا لَا أَعْلَمُ، وَأَنَا أَنْصَحُ أَنْ يُؤْخَذَ بِرَأْيِ طَبِيبٍ مُسْلِمٍ حَاذِقٍ.
وَكَمَا أَرْجُو مِنَ الإِخْوَةِ أَطِبَّاءِ العُيُونِ، أَنْ يَأْخُذُوا هَذَا الحَدِيثَ الـشَّرِيفَ بِعَيْنِ الاعْتِبَارِ، وَأَنْ يُطَبِّقُوهُ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |