الفرق بين الكفل والنصيب

9815 - الفرق بين الكفل والنصيب

12-07-2019 3417 مشاهدة
 السؤال :
مَا الفَارِقُ بَيْنَ الكِفْلِ وَالنَّصِيبِ المُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتَاً﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9815
 2019-07-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الشَّفَاعَةُ الحَسَنَةُ لَقَدْ أَمَرَ بِهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ هِيَ زَكَاةُ الجَاهِ، وَمَعْنَاهَا الوَسَاطَةُ في جَلْبِ خَيْرٍ أَو دَفْعِ ضُرٍّ للمَشْفُوعِ لَهُ بِدُونِ ضَيَاعِ حَقٍّ للآخَرِينَ.

أَمَّا الشَّفَاعَةُ السَّيِّئَةُ فَهِيَ الوَسَاطَةُ لِدَفْعِ الحَقِّ وَرَدِّهِ، أَو بِإِقْرَارِ البَاطِلِ وَحُصُولِهِ، وَضَيَاعِ حُقُوقِ الآخَرِينَ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في شَأْنِ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ التي سَرَقَتْ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟» رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

ثانياً: أَمَا الفَارِقُ بَيْنَ النَّصِيبِ وَالكِفْلِ، فَهُوَ كَمَا ذَكَرَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ:

النَّصِيبُ هُوَ الحَظُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ شَفَعَ شَفَاعَةً حَسَنَةً اسْتَوْجَبَ الأَجْرَ، وَفي الحَدِيثِ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

هَذَا هُوَ النَّصِيبُ.

أَمَّا الكِفْلُ فَهُوَ الحَظُّ وَالضِّعْفُ مِنَ الأَجْرِ وَالإِثْمِ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى المِثْلِ، كَمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ مَعْنَاهُ ضِعْفَيْنِ، أَو مِثْلَيْنِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالنَّصِيبُ وَالكِفْلُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ.

وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ بَيْنَهُمَا.

فَالنَّصِيبُ هُوَ الجَزَاءُ عَلَى الحَسَنَةِ بِحَسَنَاتٍ مُضَاعَفَةٍ، وَالكِفْلُ يُسْتَعْمَلُ في الشِّدَّةِ وَفي الشيْءِ الرَّدِيءِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَيَنْدُرُ أَنْ يُسْتَخْدَمَ في غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾.

وَلِهَذَا خَصَّ بِهِ السَّيِّئَةَ في الآيَةِ الكَرِيمَةِ: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتَاً﴾ وَحَتَّى لَا يَقَعَ التَّكْرَارُ في الآيَةْ.

 وَمِمَّا يُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الكِفْلِ يَأْتِي بِالسَّيِّئَةِ، ما رواه الإمام الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمَاً، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ». هذا، والله تعالى أعلم.

 

3417 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 69
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1339
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 555
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1600
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1387
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 916
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3152
المكتبة الصوتية 4740
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411761063
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :