24ـمع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم: إنها مصيبة, وأي مصيبة

24ـمع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم: إنها مصيبة, وأي مصيبة

 

 مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

24ـ إنها مصيبة، وأي مصيبة

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: إِنَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ امْتَنَّ اللهُ تعالى بِهَا على البَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ هيَ بِعْثَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، خَاتَمِ الرُّسُلِ والأَنْبِيَاءِ، بَعَثَهُ اللهُ تعالى على حِينِ فَتْرَةٍ من الرُّسُلِ، وقد أَظْلَمَتِ الدُّنيَا، واسْتَحْكَمَ الجَهْلُ، عَمَّتِ الوَثَنِيَّةُ، وفَشَتِ الجَاهِلِيَّةُ، فَجَاءَتْ نُبُوَّةُ سَيِّدِنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ كالغَيْثِ بَعْدَ الجَدْبِ، كالفَرَجِ بَعْدَ عُمُومِ الكَرْبِ، قَالَ تعالى مُبَيِّنَاً هذهِ النِّعْمَةَ العَظِيمَةَ: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولَاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: تَمُرُّ الأَيَّامُ، وتَنْقَضِي السُّنُونُ،  وتَمْضِي على بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ ثَلاثٌ وعِشْرُونَ سَنَةً، قَضَاهَا في الجِهَادِ والتَّضْحِيَةِ، الثَّبَاتِ والدَّعْوَةِ، رَفَعَ فِيهَا رَايَةَ التَّوْحِيدِ، وقَمَعَ الشِّرْكَ، وطَهَّرَ الجَزِيرَةَ العَرَبِيَّةَ من الجَاهِلِيَّةِ، ونَصَحَ الأُمَّةَ، وكَمُلَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ، وتَمَّتْ بِهِ النِّعْمَةُ على البَشَرِيَّةِ، ومَا كَادَتْ أَعْيُنُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم تَكْتَحِلُ بِرُؤْيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ وقد اطْمَأَنَّ إلى نَصْرِ اللهِ تعالى، وانْتِشَارِ الإِسْلامِ، حَتَّى فُجِعُوا بِكَارِثَةٍ عَظِيمَةٍ، وخَطْبٍ جَلَلٍ، إِنَّهَا مُصِيبَةٌ، وأَيُّ مُصِيبَةٍ، أَجْهَشَتْ نُفُوسَاً، وأَبْكَتْ عُيُونَاً، وأَدْمَتْ قُلُوبَاً، وفَتَّنَتْ أَقْوَامَاً، إِنَّهَا مُصِيبَةُ فَقْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.

«عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا»:

أيُّها الإخوة الكرام: بَعْدَ أَنْ بَلَّغَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الأَمَانَةَ، ونَصَحَ الأُمَّةَ، وتَمَّتْ أَعْمَالُ الدَّعْوَةِ، وبِنَاءِ مُجْتَمَعٍ جَدِيدٍ على أَسَاسٍ من التَّوْحِيدِ الخَالِصِ، كَأَنَّ هَاتِفَاً خَفِيَّاً انْبَعَثَ في قَلْبِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُشْعِرُهُ أَنَّ مُقَامَهُ في الدُّنيَا قد أَوْشَكَ على النِّهَايَةِ.

روى الإمام أحمد عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يُوصِيهِ، وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ.

فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «يَا مُعَاذُ، إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا، أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا         أَوْ قَبْرِي».

فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعَاً لِفِرَاقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ، مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا».

وَقَعَ الكَلامُ على مَسْمَعِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها:

أيُّها الإخوة الكرام: تَنَاقَلَ بَعْضُ النَّاسِ كَلامَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، فَوَقَعَ على مَسْمَعِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها، التي حَزِنَتْ وتَأَلَّمَتْ واسْتَشْعَرَتْ قُرْبَ الرَّحِيلِ، لأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلامَ أَبِيهَا سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حَقٌّ، ولَكِنَّهَا تَعَلَّلَتْ بِكَلِمَةِ: «لَعَلَّكَ» فَلَيسَ فِيهَا جَزْمٌ في هذا الأَمْرِ.

أَخْذُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ الشَّهَادَةَ من الخَلْقِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يُرِيَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ ثِمَارَ دَعْوَتِهِ التي عَانَى في سَبِيلِهَا أَلْوَانَاً من مَتَاعِبِ بِضْعَةً وعِشْرِينَ عَامَاً، وذلكَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، ويَأْخُذُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من المُؤْمِنِينَ الشَّهَادَةَ على أَنَّهُ أَدَّى الأَمَانَةَ، وبَلَّغَ الرِّسَالَةَ، ونَصَحَ الأُمَّةَ.

أيُّها الإخوة الكرام: خَرَجَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إلى حَجَّةِ الوَدَاعِ، ومَعَهُ مُعْظَمُ أَهْلِ بَيْتِهِ الأَطْهَارِ، مَعَ الصَّحْبِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم جَمِيعَاً، وكَانَتْ فِيهِمُ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنها.

أيُّها الإخوة الكرام: وفي اليَوْمِ الثَّامِنِ من ذِي الحِجَّةِ، تَوَجَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ إلى مِنَى، فَصَلَّى فِيهَا الظُّهْرَ والعَصْرَ والمَغْرِبَ والعِشَاءَ والفَجْرَ، ثمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ القُبَّةَ قَد ضُرِبَتَ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بالقَصْوَاءِ فَرَحَلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الوَادِي، وقد اجْتَمَعَ حَوْلَهُ مِئَةُ أَلْفٍ وأَرْبَعَةٌ وعِشْرُونَ أَو أَرْبَعَةٌ وأَرْبَعُونَ أَلْفَاً من النَّاسِ، فَقَامَ فِيهِم خَطِيبَاً، وأَلْقَى خُطْبَةَ الوَدَاعِ الجَامِعَةَ، التي جَاءَ فِيهَا:

«أَيُّهَا النَّاسُ، اِسْمَعُوا قَوْلِي، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَبَدَاً» سيرة ابن هشام.

ثمَّ قَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعَاً فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبَاً أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ.

فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟».

قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ.

فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ» رواه الإمام مسلم.

أيُّها الإخوة الكرام: بَعْدَ أَنْ فَرَغَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ من الخُطْبَةِ نَزَلَ قَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينَاً﴾.

فَعِنْدَمَا سَمِعَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بَكَى وقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ إلَّا النُّقْصَانُ.

أَثَرُ ذلكَ في نَفْسِ السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنها:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد سَمِعَتِ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنها هذا الكَلامَ، فآبَتْ إلى فِرَاشِهَا، ولَكِنَّ النَّوْمَ خَاصَمَ عَيْنَيْهَا، فقد دَارَتْ في خَيَالِهَا كُلُّ كَلِمَةٍ قَالَهَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ولَكِنْ لَيْسَتْ بِحَجْمَهَا، بَل مُضَخَّمَةً تَسْتَوْلِدُ مِنهَا المَعَانِيَ التي بَيْنَ حُرُوفِهَا، وتَسْتَنْطِقُ الحُرُوفَ مَا خَبَّأَتْ في طَوَايَاهَا.

لقد اسْتَعْرَضَتْ كَلامَ أَبِيهَا سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ حِينَ أَوْصَى مُعَاذَاً رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

واسْتَعْرَضتْ قَوْلَهُ في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «أَيُّهَا النَّاسُ، اِسْمَعُوا قَوْلِي، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَبَدَاً».

واسْتَعْرَضتْ شَهَادَةَ النَّاسِ لَهُ أَنَّهُ بَلَّغَ وأَدَّى ونَصَحَ.

واسْتَعْرَضتْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينَاً﴾.

واسْتَعْرَضتْ بُكَاءَ سَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، وقَوْلَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْكَمَالِ إلَّا النُّقْصَانُ.

وبَكَتْ رَضِيَ اللهُ عَنها، هيَ تَتَسَاءَلُ مَعَ نَفْسِهَا: هَل أُوحِيَ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَنْتَقِلُ إلى الرَّفِيقِ الأَعْلَى.

إِحْسَاسُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ:

أيُّها الإخوة الكرام: أَحَسَّ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ بِمَا تُعَانِيهِ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنها، واسْتَشَفَّ تِلكَ المُعَانَاةَ من عَدَمِ القُدْرَةِ على النَّوْمِ، ثمَّ البُكَاءِ المُتَوَاصِلِ.

فَسأَلَهَا: مَا بِكِ يَا أُمَّ الحَسَنِ؟

فَأَجَابَتْهُ بانْقِبَاضٍ: يَا أَبَا الحَسَنِ، على رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، أَخْشَى أَنْ يَكُونَ هذا العَامُ هوَ آخِرَ حَيَاتِهِ، كَمَا يُوحِي بذلكَ من خِلالِ أَحَادِيثِهِ.

وصَمَتَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، ولَمْ يَستَطِعِ الإِجَابَةَ أو التَّعْلِيقَ، لأَنَّ مَا كَانَ يَدُورُ في ذِهْنِ الزَّهْرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنها، كَانَ يَدُورُ في ذِهْنِهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وطَمْأَنَهَا سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ أَبَاهَا بِخَيْرٍ، ولَنْ يَمَسَّهُ سُوءٌ أَبَدَاً، وأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَ اللهِ بِمِقْدَارٍ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: الحَياةُ الدُّنيَا حَيَاةُ اخْتِبَارٍ وابْتِلاءٍ، الحَياةُ الدُّنيَا مَمَرٌّ ولَيْسَتْ مَقَرَّاً، السَّعِيدُ مَن عَاشَهَا كَمَا أَرَادَ اللهُ عزَّ وجلَّ، السَّعِيدُ مَن كَانَ شَاكِرَاً عِنْدَ الرَخَاءِ، وصَابِرَاً عِنْدَ البَلاءِ، ورَاضِيَاً بِمُرِّ القَضَاءِ، حَتَّى يَخْرُجَ من هذهِ الحَيَاةِ الدُّنيَا التي هيَ دَارُ تَعَبٍ ونَصَبٍ إلى الدَّارِ الآخِرَةِ دَارِ الرَّاحَةِ والسَّعَادَةِ والخُلُودِ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 24/شعبان /1435هـ، الموافق: 11/حزيران / 2015م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1395 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1395
13-02-2020 1952 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1952
23-01-2020 2585 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2585
16-01-2020 990 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 990
09-01-2020 1327 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1327
03-01-2020 1023 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1023

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412821548
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :