245- مع الحبيب المصطفى : ما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله   

245- مع الحبيب المصطفى : ما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله   

.

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

245ـ ما رأيت معلماً قط أرفق من رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: مَنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ لا تَتَحَرَّكُ مَشَاعِرُهُ وَقَلْبُهُ حُبَّاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ مَنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ لا يَهْتَزُّ فُؤَادُهُ شَوْقَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ مَنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ لا تَدْمَعُ عَيْنُهُ حُزْنَاً وَأَسَفَاً لِأَنَّهُ لَمْ يَحْظَ بِرُؤْيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَأْنَسْ بِحُسْنِ صُحْبَتِهِ؟ مَنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ لا يَفِيضُ قَلْبُهُ بِمَشَاعِرِ الوَفَاءِ لِهَذَا النَّبِيِّ العَظِيمِ الذي قَالَ فِيهِ مَوْلانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْـمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾؟ مَنْ مِنَ المُؤْمِنِينَ لا يَشْتَاقُ لِسَمَاعِ سِيرَةِ هَذَا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي أَنْقَذَنَا اللهُ تعالى بِهِ من النَّارِ، وَجَعَلَهُ شَفِيعَاً لَنَا؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ حُبَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَمَلٌ قَلْبِيٌّ، من أَجَلِّ أَعْمَالِ القُلُوبِ وَأَعْظَمِهَا، وَهُوَ أَمْرٌ وُجْدَانِيٌّ يَجِدُهُ المُؤْمِنُ في قَلْبِهِ، وَبِهَذَا الحُبِّ الصَّادِقِ يَكُونُ صَلاحُ القَلْبُ، وَبِصَلاحِ القَلْبِ صَلاحُ الأَعْضَاءِ، فَمَن غُرِسَ في قَلْبِهِ حُبُّ الحَبِيبِ الأَعْظَمِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، انْقَادَتْ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ للاقْتِدَاءِ بِهَذَا الحَبِيبِ الأَعْظَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: حُبُّ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ على الأُمَّةِ، وَكَيْفَ لا يَكُونُ حُبُّهُ فَرْضَاً على الأُمَّةِ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَحِبُّوا اللهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي»؟ رواه الترمذي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

كَيْفَ لا يَكُونُ حُبُّهُ فَرْضَاً على الأُمَّةِ، وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»؟ رواه الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

كَيْفَ لا يَكُونُ حُبُّهُ فَرْضَاً على الأُمَّةِ، وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ تُحِبُّهُ وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟

روى الحاكم والدارمي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا، فَمَرَرْنَا بَيْنَ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ، فَلَمْ نَمُرَّ بِشَجَرَةٍ وَلا جَبَلٍ إِلا قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

وروى الإمام أحمد عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ رَأَيْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَهُ، إِذْ مَرَرْنَا بِبَعِيرٍ يُسْنَى عَلَيْهِ (أيْ: يُسْقَى عَلَيْهِ) فَلَمَّا رَآهُ الْبَعِيرُ جَرْجَرَ (أَيْ: صَاحَ) وَوَضَعَ جِرَانَهُ (أَيْ: مُقَدِّمَ عُنُقِهِ؛ وَقِيلَ: بَاطِنَ عُنُقِهِ) فَوَقَفَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ؟»

فَجَاءَ، فَقَالَ: «بِعْنِيهِ» .

فَقَالَ: لَا، بَلْ أَهَبُهُ لَكَ.

فَقَالَ: «لَا، بِعْنِيهِ».

قَالَ: لَا، بَلْ أَهَبُهُ لَكَ، وَإِنَّهُ لِأَهْلِ بَيْتٍ مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ غَيْرُهُ.

قَالَ: «أَمَا إِذْ ذَكَرْتَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ شَكَا كَثْرَةَ الْعَمَلِ، وَقِلَّةَ الْعَلَفِ، فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ».

قَالَ: ثُمَّ سِرْنَا، فَنَزَلْنَا مَنْزِلَاً، فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ حَتَّى غَشِيَتْهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا؛ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ ذَكَرْتُ لَهُ.

فَقَالَ: «هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنَ لَهَا».

مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمَاً قَطُّ أَرْفَقَ من سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: كُلُّ مَن قَرَأَ سِيرَةَ الحَبِيبِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَشِقَهُ، وَكُلُّ مَن عَشِقَهُ اتَّبَعَهُ، وَكُلُّ مَن اتَّبَعَهُ حُشِرَ مَعَ الذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم من النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ والصَّالِحِينَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِمَّا لا شَكَّ فِيهِ ولا رَيْبَ، أَنَّ مُهِمَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا هِيَ مُهِمَّةُ تَعْلِيمِ الأُمَّةِ، وَدَلالَتِهِم على الخَيْرِ، قَالَ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولَاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولَاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾.

وروى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: «وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمَاً».

وروى الإمام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتَاً (أَيْ: مُشَدِّدَاً على النَّاسِ وَمُلْزِمَاً إِيَّاهُم مَا يَصْعُبُ عَلَيْهِم) وَلَا مُتَعَنِّتَاً (أَيْ: طَالِبَاً زَلَّتَهُم) وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمَاً مُيَسِّرَاً».

وروى الإمام مسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِن الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ.

فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟

فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ.

فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمَاً قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمَاً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَنِي (مَا نَهَرَنِي) وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي؛ قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ».

وفي رِوَايَةِ أَبِي داود قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ: فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمَاً قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَد كَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ شَدِيدَ الاهْتِمَامِ بِمَنْ يَسْأَلُهُ عَن أُمُورِ الدِّينِ من الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، روى الإمام مسلم عَن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ.

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ.

قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدَاً، فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ؛ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا.

رِفْقٌ وَلِينٌ مَا رَأَتِ العَيْنُ، ولا سَمِعَتِ الأُذُنُ مِثْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمِ الأُمَّةُ بِحَاجَةٍ إلى هَذَا الرِّفْقِ واللِّينِ في دَعْوَةِ الأُمَّةِ إلى اللهِ تعالى؟ كَمِ المَسْؤُولُ ـ على جَمِيعِ المُسْتَوَيَاتِ ـ بِحَاجَةٍ إلى اللُّطْفِ واللِّينِ والرِّفْقِ في تَعْلِيمِ الرَّعِيَّةِ؟

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: روى الإمام البخاري عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي الْـمَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ فَأَنَاخَهُ فِي الْـمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ ـ

فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْـمُتَّكِئُ.

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابْنَ عَبْدِ الْـمُطَّلِبِ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ».

فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْـمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ.

فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ».

فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟

فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ باللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟

قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ باللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِن السَّنَةِ؟

قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ باللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا، فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْألُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوِةُ الكِرَامُ: أَعْظَمُ بَاعِثٍ على خُلُقِ التَّوَاضُعِ أَنْ نَعْرِفَ عَظَمَةَ اللهِ تعالى، وَأَنْ نَعْرِفَ عَجْزَنَا وَقُصُورَنَا، وَأَنْ نَنْظُرَ دَائِمَاً وَأَبَدَاً إلى سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَةِ الصَّالِحِينَ.

وَلَنْ تُفْلِحَ الأُمَّةُ أَبَدَاً حَتَّى تَقْتَدِيَ وَتَتَأَسَّى بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَيَاتِهَا، وَأَنْ تَقْرَأَ سِيرَتَهُ العَطِرَةَ، وَتَتَعَلَّمَ سُنَّتَهُ، وَخَاصَّةً في أُسْلُوبِهِ في التَّرْبِيَةِ والتَّعْلِيمِ، حَيْثُ جَعَلَ القُلُوبَ طَائِعَةً لِأَوَامِرِهِ، والجَوَارِحَ مُسْتَسْلِمَةً لَهُ، روى الإمام الحاكم وأبو داود عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: «اجْلِسُوا».

فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَجَلَسَ عَلَى بَابِ الْـمَسْجِدِ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «تَعَالَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ».

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُسْنَ الأَخْلاقِ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 26/ جمادى الآخرة /1437هـ، الموافق: 4/ نيسان / 2016م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2340 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2340
20-06-2019 1387 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1387
28-04-2019 1170 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1170
28-04-2019 1182 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1182
21-03-2019 1777 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1777
13-03-2019 1643 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1643

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413003318
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :