276ـ من مظاهر عبوديته   

276ـ من مظاهر عبوديته   

 

مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

276ـ من مظاهر عبوديته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: العُبُودِيَّةُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ هِيَ الغَايَةُ مِنْ وَرَاءِ الخَلْقِ، قَالَ تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

العُبُودِيَّةُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ هِيَ مِفْتَاحُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَمَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾.

وَالعُبُودِيَّةُ للهِ تعالى على ضَرْبَيْنِ:

الضَّرْبُ الأَوَّلُ: عُبُودِيَّةٌ عَامَّةٌ، وَهِيَ عُبُودِيَّةُ قَهْرٍ وَتَسْخِيرٍ، وَهَذِهِ العُبُودِيَّةُ تَشْمَلُ جَمِيعَ الكَائِنَاتِ، حَيْثُ يَتَصَرَّفُ اللهُ تعالى فِيهَا بِمَا شَاءَ، وَكَيْفَ شَاءَ، حَتَّى أَطْغَى الطُّغَاةِ، وَأَكْبَرُ الجَبَّارِينَ، يَفْعَلُ بِهِ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مَا يَشَاءُ.

هَذِهِ العُبُودِيَّةُ تَشْمَلُ جَمِيعَ النَّاسِ، المُؤْمِنِينَ، وَالكَافِرِينَ، وَالأَبْرَارَ، وَالفُجَّارَ، قَالَ تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعَاً وَكَرْهَاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدَاً﴾. فَجَمِيعُ الكَائِنَاتِ لَا تَخْرُجُ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّةِ التي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، فَهَذِهِ عُبُودِيَّةُ القَهْرِ وَالتَّسْخِيرِ وَالتَّصَرُّفِ كَمَا يُرِيدُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: عُبُودِيَّةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ العُبُودِيَّةُ الاخْتِيَارِيَّةُ:

أَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ العُبُودِيَّةِ، فَهِيَ عُبُودِيَّةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ اخْتِيَارِيَّةٌ، هِيَ عُبُودِيَّةُ الطَّاعَةِ وَالانْقِيَادِ وَالمَحَبَّةِ وَالاخْتيَارِ، وَهَذِهِ لَا تَصْدُرُ إِلَّا مِنَ العِبَادِ المُؤْمِنِينَ المُوَحِّدِينَ الذينَ يُطِيعُونَ اللهَ تعالى فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى، وَيُمَجِدُّونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ، وَأَعْلَى مَرَاتِبِ البَشَرِ في العُبُودِيَّةِ هِيَ مَرْتَبَةُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَأَعْلَى مَرَاتِبِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ هِيَ مَرَاتِبُ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَأَعْلَاهُمْ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَالعُبُودِيَّةُ هِيَ أَشْرَفُ أَوْصَافِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ تعالى في حَقِّهِمْ عَامَّةً: ﴿وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾. وَهَذَا أَشْرَفُ وَصْفٍ يَعْتَزُّ بِهِ الأَنْبِيَاءُ وَالمُرْسَلُونَ، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ تعالى عَلَيْهِمْ بِهَذَا الوَصْفِ، قَالَ تعالى في حَقِّ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدَاً شَكُورَاً﴾. وَقَالَ في حَقِّ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ﴾. وَقَالَ في حَقِّ سَيِّدِنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ﴾. وَقَالَ في حَقِّهِ: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ المَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدَاً للهِ﴾.

أَمَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي هُوَ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ وَسَيِّدُهُمْ، فَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ تعالى بِالعُبُودِيَّةِ في أَشْرَفِ مَقَامَاتِهِ، فَقَالَ تعالى في حَقِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدَاً﴾. وَهَذَا هُنَا في مَقَامِ الدَّعْوَةِ؛ وَأَمَّا في مَقَامِ الإِسْرَاءِ، قَالَ تعالى في حَقِّهِ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلَاً مِنَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. وَقَالَ تعالى عَنْهُ في مَقَامِ التَّحَدِّي: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾؟

الْزَمُوا عَتَبَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا كَانَ أَشْرَفُ وَصْفٍ للأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ هُوَ العُبُودِيَّةُ للهِ تعالى، فَالْزَمُوا عَتَبَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، لِأَنَّ الْتِزَامَ عَتَبَةِ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى هُوَ سِرُّ السَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ، وَ هُوَ أَقْرَبُ الطُّرُقِ للوُصُولِ إلى اللهِ تعالى، وَ هُوَ أَشْرَفُ وَصْفٍ للعَبْدِ، وَ هُوَ سَبَبُ حُبِّ اللهِ تعالى لِعَبْدِهِ، يَقُولُ تعالى في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً، إِلَّا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» رواه الإمام مسلم عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمَنْ تَحَقَّقَ بِالْتِزَامِ عَتَبَةِ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى رَفَعَهُ اللهُ تعالى، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ هُوَ سِيرَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

مِنْ مَظَاهِرِ عُبُودِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنِ الْتَزَمَ عَتَبَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى تَحَلَّى بِأَخْلَاقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ سَيْرَهُ، فَمِنْ مَظَاهِرِ عُبُودِيَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاضِعَاً للهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أولاً: روى أبو يعلى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : «يَا عَائِشَةُ، لَوْ شِئْتُ لَسَارَتْ مَعِي جِبَالُ الذَّهَبِ، جَاءَنِي مَلَكٌ إِنَّ حُجْزَتَهُ- أَي مَوضِعُ شَدِّ إِزَارِهِ كِنِايَةً عَن الضَّخَامَةِ- لَتُسَاوِي الْكَعْبَةَ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيَّاً عَبْدَاً، وَإِنْ شِئْتَ نَبِيَّاً مَلِكَاً.

فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ؛ فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ؛ فَقُلْتُ: نَبِيَّاً عَبْدَاً».

فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئَاً يَقُولُ: «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ».

ثانياً: روى الحاكم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ تَرْعَدُ فَرَائِصُهُ؛ فَقَالَ لَهُ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ، فَإِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ فِي هَذِهِ الْبَطْحَاءِ».

قَالَ: ثُمَّ تَلَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيُّ: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ﴾.

ثالثاً: روى الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُتَّكِئٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ.

فَقُلْنَا: هَذَا الرَّجُلُ الأَبْيَضُ المُتَّكِئُ.

فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَجَبْتُكَ».

فَقَالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي المَسْأَلَةِ، فَلاَ تَجِدْ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ؟

فَقَالَ: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ».

فَقَالَ: أَسْأَلُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟

فَقَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟

قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ نَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟

قَالَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ نَعَمْ».

فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ.

رابعاً: روى ابن ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَجَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ (أَيْ: عَتِيقٍ) وَقَطِيفَةٍ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ لَا تُسَاوِي، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ حَجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ».

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ عَلَامَاتِ صِحَّةِ القَلْبِ وَسَلَامَتِهِ أَنْ يَرْحَلَ صَاحِبُهُ مِنْ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ بِالْتِزَامِهِ عَتَبَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، وَهُوَ مُصْطَبِغٌ صِبْغَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، مُطِيعٌ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحَاتِهِ وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، لَا يَتَعَرَّضُ لِسَخَطِ اللهِ تعالى بِالمَعَاصِي، وَلَا بِالاسْتِكْبَارِ على خَلْقِ اللهِ تعالى.

أَن يَرْحَلَ صَاحِبُهُ مِن هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُوَ مُتَأَسٍّ بِسَيِّدِ العُبَّادِ الذي مَدَحَهُ اللهُ تعالى في مَقَامِ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَفِي مَقَامِ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ، بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تَبَارَكَ وَتعالى.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ أَنَّهُ عَبْدٌ للهِ تعالى في أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ عُبُودِيَّةَ قَهْرٍ وَتَسْخِيرٍ، أَلْزَمَ نَفْسَهُ عَتَبَةَ العُبُودِيَّةِ للهِ تعالى فِيمَا جَعَلَهُ اللهُ تعالى فِيهِ مُكَلَّفَاً.

اللَّهُمَّ حَقِّقْنَا بِذُلِّ العُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ. آمين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 11/ ربيع الثاني /1438هـ، الموافق: 9/ كانون الثاني / 2017م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2276 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2276
20-06-2019 1370 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1370
28-04-2019 1152 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1152
28-04-2019 1164 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1164
21-03-2019 1734 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1734
13-03-2019 1604 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1604

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412003828
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :