93-مع الصحابة وآل البيت:تأثر سيدنا أسامة بعتاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ

93-مع الصحابة وآل البيت:تأثر سيدنا أسامة بعتاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ

 

مع الصحابة وآل البيت رَضِيَ اللهُ عَنهُم

93ـ تأثر سيدنا أسامة بعتاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الذي يَكُونُ سَرِيعَ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا سَمِعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَو سَمِعَ حَدِيثَاً مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا حَدَثَ مِنْهُ خَطَأٌ أَو وَقَعَ في ذَنْبٍ مِنَ الذُّنُوبِ؛ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِمَوَاعِظِ اللهِ تعالى، وَمَوَاعِظِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ سَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ للتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ الذي جَاءَ في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَفِي السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وَسَرِيعُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِسِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَةِ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ وَآلِ البَيْتِ الأَطْهَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَآلُ بَيْتِهِ الأَطْهَارُ سَرِيعِي التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ لِمَوْعِظَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، روى الترمذي عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ.

فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا لَمَوْعِظَةُ مُوَدَّعٍ، فَإِذَاً تَعْهَدُ إِلَيْنَا.

قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافَاً كَثِيرَاً، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَاً حَبَشِيَّاً، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».

وروى الإمام البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ.

قَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلَاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرَاً».

قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ (هُوَ خُرُوجُ الصَّوْتِ مِنَ الأَنْفِ مَعَ البُكَاءِ).

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَلْ إِذَا سَمِعْنَا مَوْعِظَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى، أَو مِنْ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نَتَأَثَّرُ كَمَا تَأَثَّرَ الصَّحْبُ الكِرَامُ وَآلُ البَيْتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؟

هَلْ نُغَطِّي وُجُوهَنَا كَمَا غَطَّى أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وُجُوهَهُمْ؟

هَلْ تَختَنِقُ العَبَرَاتُ، وَتُذْرَفُ الدُّمُوعُ، وَتَخْرُجُ الأَصْوَاتُ كَأزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ الصُّدُورِ للتَّأَثُّرِ مِنْ هَذِهِ المَوَاعِظِ؟

لَقَدْ تَبَلَّدَ إِحْسَاسُنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ؛ لَقَدْ ضَعُفَ الوَازِعُ الإِيمَانِيُّ في القُلُوبِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِكَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَالخَطَايَا.

تَأَثُّرُ سَيِّدِنَا أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَتَأَثَّرُونَ بِالمَوَاعِظِ تَأَثُّرَاً بَلِيغَاً، وَلَكِنْ إِذَا عَاتَبَهُمْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على خَطَأٍ مِنَ الأَخْطَاءِ كَانُوا يَتَأَثَّرُونَ أَشَدَّ التَّأَثُّرِ، وَتَكَادُ أَرْوَاحُهُمْ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، وَأَنْ تَضِيقَ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، بَلْ حَتَّى تَضِيقَ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ، وَحَتَّى كَانُوا يَتَمَنَّوْنَ لَو أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا في ذَلِكَ اليَوْمِ.

روى الإمام مسلم عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ، أَنَّهُ بَعَثَ إِلَى عَسْعَسِ بْنِ سَلَامَةَ زَمَنَ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي نَفَرَاً مِنْ إِخْوَانِكَ حَتَّى أُحَدِّثَهُمْ، فَبَعَثَ رَسُولَاً إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَ جُنْدَبٌ وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ أَصْفَرُ (البُرْنُسُ: كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنهُ مُلْتَزِقٌ بِهِ).

فَقَالَ: تَحَدَّثُوا بِمَا كُنْتُمْ تَحَدَّثُونَ بِهِ حَتَّى دَارَ الْحَدِيثُ.

فَلَمَّا دَارَ الْحَدِيثُ إِلَيْهِ حَسَرَ الْبُرْنُسَ عَنْ رَأْسِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُكُمْ وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثَاً مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَإِنَّهُمُ الْتَقَوْا، فَكَانَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ إِذَا شَاءَ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ لَهُ فَقَتَلَهُ، وَإِنَّ رَجُلَاً مِنَ المُسْلِمِينَ قَصَدَ غَفْلَتَهُ.

قَالَ: وَكُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَلَمَّا رَفَعَ عَلَيْهِ السَّيْفَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَ الْبَشِيرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ، حَتَّى أَخْبَرَهُ خَبَرَ الرَّجُلِ كَيْفَ صَنَعَ، فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «لِمَ قَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْجَعَ فِي المُسْلِمِينَ (أَيْ: أَوْقَعَ بِهِمْ وَآلَمَهُمْ) وَقَتَلَ فُلَانَاً وَفُلَانَاً، وَسَمَّى لَهُ نَفَرَاً، وَإِنِّي حَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى السَّيْفَ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي.

قَالَ: «وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وفي رِوَايَةٍ قالَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الفَارِقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الفَارِقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَثَّرُونَ تَأَثًّرَاً بَلِيغَاً إِذَا زَلَّتْ بِهِمُ القَدَمُ بَعْدَ اجْتِهَادٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الوُقُوعِ في الخَطَأِ.

وَأَمَّا نَحْنُ اليَوْمَ، يَأْتِينَا الأَمْرُ مِنَ اللهِ تعالى وَمِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَنَقَعُ في المُخَالَفَةِ ـ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى ـ وَلَا يَحْدُثُ شَيْءٌ في نُفُوسِنَا مُطْلَقَاً، وَلَا يُعَاتِبُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ، وَلَا يَتَرَاجَعُ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِتَبَلُّدِ الإِحْسَاسِ فِينَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

لَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَرْجِعُونَ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَاشَرَةً لِيُصَحِّحُوا سَيْرَهُمْ إلى اللهِ تعالى؛ لَقَدْ رَجَعَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في الأَمْرِ الذي حَصَلَ مَعَهُ، وَهُوَ قَتْلُهُ لِرَجُلٍ كَانَ مُشْرِكَاً يُقَاتِلُ المُسْلِمِينَ وَقَدْ أَكْثَرَ القَتْلَ فِيهِمْ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَقَتَلَهُ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اجْتِهَادَاً مِنْهُ، بِأَنَّهُ مَا قَالَهَا إِلَّا خَوْفَاً مِنَ القَتْلِ، خَوْفَاً مِنَ السِّلَاحِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفَاً مِنَ السِّلَاحِ.

قَالَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟».

فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ. رواه الإمام مسلم.

وفي رِوَايَةٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَقَتَلْتَهُ؟».

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي.

قَالَ: «وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟».

قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: «كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ تَأَثَّرَ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ هَذَا العِتَابِ، حَتَّى تَمَنَّى أَنَّهُ مَا دَخَلَ في الإِسْلَامِ إِلَّا بَعْدَ هَذَا الخَطَأِ، لِأَنَّ الإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ الحَقُّ شَخْصِيَّتُهُ سَرِيعَةُ التَّأَثُّرِ وَالانْفِعَالِ إِذَا نُبِّهَ للخَطَأِ، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ في الإِثْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ تعالى، وَيَتَأَثَّرُ بِالمَوْعِظَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالتَّوْجِيهِ وَالإِنْكَارِ؛ أَمَّا إِذَا كَانَ إِحْسَاسُهُ مُتَلَبِّدَاً فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ وَلَا يَنْفَعِلُ، بَلْ يُبَرِّرُ وَيُصِرُّ على الخَطَأِ، وَيُحَاوِلُ أَن يُلْبِسَ هَوَاهُ بِأَثْوَابِ الشَّرِيعَةِ تَبْرِيرَاً لِإِجْرَامِهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا بِتَرْكِ المَعَاصِي مَا أَحْيَيْتَنَا. آمين.

**        **     **

تاريخ الكلمة:

الخميس: 26/ جمادى الأولى /1438هـ، الموافق: 23/ شباط / 2017م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

13-03-2020 1394 مشاهدة
170ـ موقف الفاروق رضي الله عنه من شارب الخمر

نَحْنُ اليَوْمَ بِأَمَسِّ الحَاجَةِ إلى الوُقُوفِ أَمَامَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ ... المزيد

 13-03-2020
 
 1394
13-02-2020 1950 مشاهدة
169ـ هكذا كان أبو الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

الحِرْصُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ مَطْلَبٌ مِنْ مَطَالِبِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ مَسْؤُولَانِ عَنِ الذُّرِّيَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ ... المزيد

 13-02-2020
 
 1950
23-01-2020 2584 مشاهدة
168ـ إسلام أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ اللهَ تعالى سَيَسْأَلُ عَنْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ، فَهَلِ الوَاحِدُ مِنَّا حَرِيصٌ عَلَى صَاحِبِهِ يُذَكِّرُهُ بِاللهِ تعالى؟ لِأَنَّ الذي يَصْطَفي لِنَفْسِهِ صَاحِبَاً فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى حُبِّهِ لِصَاحِبِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ صَاحِبَهُ في ... المزيد

 23-01-2020
 
 2584
16-01-2020 989 مشاهدة
167ـ الزبير نموذج للغني المسلم

لَقَدْ طَبَعَ اللهُ تعالى الإِنْسَانَ عَلَى حُبِّ المَالِ، وَجَعَلَهُ مِنِ زِينَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، قَالَ تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابَاً وَخَيْرٌ ... المزيد

 16-01-2020
 
 989
09-01-2020 1326 مشاهدة
166ـ حب سيدنا الزبير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

إِنَّ حُبَّ اللهِ تعالى، وَحُبَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُعْطِيَانِ للإِنْسَانِ الكَمَالَ وَالشَّرَفَ وَالعِزَّةَ وَالرِّفْعَةَ وَالمَكَانَةَ، بَلْ يُعْطِيَانِ الُمؤْمِنَ القُدْرَةَ ... المزيد

 09-01-2020
 
 1326
03-01-2020 1022 مشاهدة
165ـ صاحب رسول الله منذ أن بعث

زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَعُدَّةُ الزَّمَانِ بَعْدَ اللهِ تعالى الشَّبَابُ النَّاشِؤُونَ في طَاعَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ، الذينَ تَكَادُ أَنْ لَا تَعْرِفَ لَهُمْ زَلَّةً، أَو تُعْهَدَ عَنْهُمْ صَبْوَةٌ، الذينَ يَتَسَابَقُونَ في مَيَادِينِ ... المزيد

 03-01-2020
 
 1022

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412684850
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :