مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
267ـ «مَا جِئْتُ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ»
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ جَهِلَ النَّاسُ حَقِيقَةَ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَمَا عَرَفُوهَا مِنْ خِلَالِ وَصْفِ القُرْآنِ العَظِيمِ لَهَا، وَجَهِلُوا الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِمْ فِيهَا، لِذَا تَرَاهُمْ تَائِهِينَ حَيَارَى، ضَائِعِينَ في مُنْحَنَيَاتِ الطَّرِيقِ، وَالكَثِيرُ مِنْهُمْ يَبْقَى في حَيْرَتِهِ ضَائِعَاً في مُنْحَنَيَاتِ الطَّرِيقِ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ المَوْتِ فَيَسُلَّ رُوحَهُ، فَيَعْصِرُ الأَلَمُ نَفْسَهُ، وَالحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ تَأْكُلُ قَلْبَهُ، فَإِذَا بِهِ يَتَذَكَّرُ العُمُرَ الذي قَضَاهُ بِدُونِ فَائِدَةٍ وَلَا جَدْوَى، وَيَتَأَوَّهُ التَّأَوُّهَ الذي لَا يُغْنِي، وَيَعْلِمُ أَنَّهُ قَدْ ضَيَّعَ حَيَاتَهُ التي هِيَ رَأْسُ مَالِهِ، وَعِنْدَهَا سَيَقُولُ: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾.وَسَيَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾. وَسَيَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾.
لِنَسْتَعِدَّ للرَّحِيلِ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لِنَسْتَعِدَّ للرَّحِيلِ، أَلَمْ يَأْمُرْنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾؟
لِنَسْتَعِدَّ للرَّحِيلِ قَبْلَ حُلُولِ الخَسَارَةِ، قَالَ تعالى: ﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْـمُبِينُ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ﴾.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ سَافَرَ في الدُّنيَا بِغَيْرِ زَادٍ نَدِمَ، وَلَنْ يَنْفَعَهُ النَّدَمُ، وَرُبَّمَا هَلَكَ وَضَاعَ، فَكَيْفَ بِمَنْ سَافَرَ مِنَ الدُّنْيَا إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، مَعَ طُولِهِ وَمَشَقَّتِهِ بِغَيْرِ زَادٍ؟
لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ وَهُوَ يَتَهَجَّدُ: آهٍ آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَاقِعُنَا مَرِيرٌ وَمُؤْلِمٌ عِنْدَمَا نَرَى مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا في هَذِهِ الأَزْمَةِ، مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَنَا مِنْ بَيْعِ الدِّينِ بِالدُّنْيَا، وَخَاصَّةً أَيَّامَ الفِتَنِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنَاً كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْـمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنَاً وَيُمْسِي كَافِرَاً، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنَاً وَيُصْبِحُ كَافِرَاً، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
مُحَاوَلَةُ إِغْرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَرَفْضُهُ لِذَلِكَ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: يَا مَنْ تَعِيشُونَ هَذِهِ الأَزْمَةَ، وَهَذِهِ المِحْنَةَ القَاسِيَةَ، اثْبُتُوا على دِينِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ، وَاحْذَرُوا مِنْ فِتْنَةِ المَالِ وَالجَاهِ وَالسِّيَادَةِ وَالرِّيَادَةِ، وَاحْذَرُوا مِنَ الإِغْرَاءَاتِ التي تُعْرَضُ على الأُمَّةِ مِنْ قِبَلِ أَعْدَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَانْظُرُوا في سِيرَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ لِنَضَعْ أَنْفُسَنَا جَمِيعَاً في مِيزَانِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي وَاللهِ أَتَمَنَّى أَنْ يَسْمَعَ أَهْلُ بِلَادِ الشَّامِ الذينَ يَقْتَتِلُونَ اليَوْمَ على الدُّنْيَا سِيرَةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
جَاءَ في سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَكَانَ سَيِّدَاً، قَالَ يَوْمَاً وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَادِي قُرَيْشٍ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي الْـمَسْجِدِ وَحْدَهُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا أَقُومُ إلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورَاً لَعَلَّهُ يَقْبَلُ بَعْضَهَا، فَنُعْطِيهِ أَيَّهَا شَاءَ، وَيَكُفُّ عَنَّا؟ ـ وَذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ حَمْزَةُ، وَرَأَوْا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُونَ وَيَكْثُرُونَ ـ.
فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، قُمْ إلَيْهِ فَكَلِّمْهُ.
فَقَامَ إلَيْهِ عُتْبَةُ حَتَّى جَلَسَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ مِنَ السِّطَةِ (الشَّرَفِ) فِي الْعَشِيرَةِ، وَالْـمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ قَوْمَكَ بِأَمْرِ عَظِيمٍ، فَرَّقْتَ بِهِ جَمَاعَتَهُمْ، وَسَفَّهْتَ بِهِ أَحْلَامَهُمْ، وَعِبْتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ وَكَفَّرْتَ بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي أَعْرِضْ عَلَيْكَ أُمُورَاً تَنْظُرُ فِيهَا، لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ، أَسْمَعْ».
قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إنْ كُنْتَ إنَّمَا تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالَاً جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالَاً، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفَاً سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرَاً دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلْكَاً مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رِئْيَاً تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نَفْسِكَ، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَكَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَ التَّابِعُ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُدَاوَى مِنْهُ ـ أَوْ كَمَا قَالَ لَهُ ـ.
حَتَّى إذَا فَرَغَ عُتْبَةُ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ مِنْهُ، قَالَ: «أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟».
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «فَاسْمَعْ مِنِّي».
قَالَ: أَفْعَلُ.
فَقَالَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآنَاً عَرَبِيَّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ﴾».
ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِيهَا يَقْرَؤُهَا عَلَيْهِ؛ فَلَمَّا سَمِعَهَا مِنْهُ عُتْبَةُ، أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خَلْفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدَاً عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ؛ ثُمَّ انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: «قَدْ سَمِعْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ مَا سَمِعْتَ، فَأَنْتَ وَذَاكَ».
فَقَامَ عُتْبَةُ إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: نَحْلِفُ بِاللهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الْوَلِيدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ؛ فَلَمَّا جَلَسَ إلَيْهِمْ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟
قَالَ:وَرَائِي أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ قَوْلَاً وَاللهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، وَلَا بِالسِّحْرِ، وَلَا بِالْكِهَانَةِ؛ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَطِيعُونِي وَاجْعَلُوهَا بِي، وَخَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ فَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللهِ لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَبِ فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وَعِزُّهُ عِزُّكُمْ، وَكُنْتُمْ أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ.
قَالُوا: سَحَرَكَ وَاللهِ يَا أَبَا الْوَلِيدِ بِلِسَانِهِ.
قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِيهِ، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ.
«مَا جِئْتُ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا بِي مَا تَقُولُونَ، مَا جِئْتُ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُبُ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا الشَّرَفَ فِيكُمْ، وَلَا المُلْكَ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إلَيْكُمْ رَسُولَاً، وَأَنْزَلَ عليَّ كِتَابَاً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ لَكُمْ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي، وَنَصَحْتُ لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ، فَهُوَ حظُّكم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللهِ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ». أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، فَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ قَابِلٍ مِنَّا شَيْئَاً مِمَّا عَرَضْنَاهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَضْيَقَ بَلَدَاً، وَلَا أَقَلَّ مَاءً، وَلَا أَشَدَّ عَيْشَاً مِنَّا؛ فَسَلْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ بِمَا بَعَثَكَ بِهِ، فَلْيُسَيِّرْ عَنَّا هَذِهِ الْجِبَالَ الَّتِي قَدْ ضَيَّقَتْ عَلَيْنَا، وَلْيَبْسُطْ لَنَا بِلَادَنَا، وَلْيُفَجِّرْ لَنَا فِيهَا أَنْهَارَاً كَأَنْهَارِ الشَّامِ وَالعِرَاقِ، وَلْيَبْعَثْ لَنَا مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِنَا، وَلْيَكُنْ فِيمَنْ يُبْعَثُ لَنَا مِنْهُمْ: قُصَيَّ بْنَ كِلَابٍ، فَإِنْ كَانَ شَيْخَ صِدْقٍ، فَنَسْأَلَهُمْ عَمَّا تَقُولُ: أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ؟ فَإِنْ صَدَّقُوكَ وَصَنَعْتَ مَا سَأَلْنَاكَ صَدَّقْنَاكَ، وَعَرَفْنَا بِهِ مَنْزِلَتَكَ مِنَ اللهِ، وَأَنَّهُ بَعَثَكَ رَسُولَاً كَمَا تَقُولُ.
فَقَالَ لَهُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا بِهَذَا بُعِثْتُ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ، إِنَّمَا جِئْتُكُمْ مِنَ اللهِ بِمَا بَعَثَنِي بِهِ، وَقَدْ بَلَّغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتَ بِهِ إلَيْكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوهُ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عليَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ».
قَالُوا: فَإِذَا لَمْ تَفْعَلْ هَذَا لَنَا، فَخُذْ لِنَفْسِكَ، سَلْ رَبَّكَ بِأَنْ يَبْعَثَ مَعَكَ مَلَكَاً يُصَدِّقُكَ بِمَا تَقُولُ، وَيُرَاجِعُنَا عَنْكَ وَسَلْهُ فَلْيَجْعَلْ لَكَ جِنَانَاً وَقُصُورَاً وَكُنُوزَاً مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يُغْنِيكَ بِهَا عَمَّا نَرَاكَ تَبْتَغِي، فَإِنَّكَ تَقُومُ بِالْأَسْوَاقِ كَمَا نَقُومُ، وَتَلْتَمِسُ الْـمَعَاشَ كَمَا نَلْتَمِسُهُ؛ حَتَّى نَعْرِفَ فَضْلَك وَمَنْزِلَتَكَ مِنْ رَبِّكَ إنْ كُنْتَ رَسُولَاً كَمَا تَزْعُمُ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنَا بِفَاعِلِ، وَمَا أَنَا بِاَلَّذِي يَسْأَلُ ربَّه هَذَا، وَمَا بُعِثْتُ إلَيْكُمْ بِهَذَا، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً ـ أَوْ كَمَا قَالَ ـ فَإِنْ تَقْبَلُوا مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِرُ لِأَمْرِ اللهِ حَتَّى يحكمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ».
قَالُوا: فَأَسْقِطِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا كِسَفَاً كَمَا زَعَمْتَ أَنَّ ربَّكَ إنْ شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّا لَا نُؤْمِنُ لَكَ إلَّا أَنْ تَفْعَلَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ إلَى اللهِ، إنْ شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِكُمْ فَعَلَ».
قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَفَمَا عَلِمَ رَبُّكَ أَنَّا سَنَجْلِسُ مَعَكَ وَنَسْأَلُكَ عَمَّا سَأَلْنَاكَ عَنْهُ، وَنَطْلُبُ مِنْكَ مَا نَطْلُبُ، فَيَتَقَدَّمَ فَيُعَلِّمَكَ مَا تُرَاجِعُنَا بِهِ، وَيُخْبِرَكَ مَا هُوَ صَانِعٌ فِي ذَلِكَ بِنَا، إذْ لَمْ نَقْبَلْ مِنْكَ مَا جِئْتنَا بِهِ، إنَّهُ قَدْ بَلَغْنَا أَنَّكَ إنَّمَا يُعَلِّمُكَ هَذَا رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهُ: الرَّحْمَنُ، وَإِنَّا وَاللهِ لَا نُؤْمِنُ بِالرَّحْمَنِ أَبَدَاً، فَقَدْ أَعْذَرْنَا إلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَإِنَّا وَاللهِ لَا نَتْرُكُكَ وَمَا بَلَغْتَ مِنَّا حَتَّى نُهْلِكَكَ، أَوْ تُهْلِكَنَا.
وَقَالَ قَائِلُهُمْ: نَحْنُ نَعْبُدُ الْـمَلَائِكَةَ، وَهِيَ بَنَاتُ اللهِ.
وَقَالَ قَائِلُهُمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا بِاللهِ وَالْـمَلَائِكَةِ قَبِيلَاً.
فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَنْهُمْ، وَقَامَ مَعَهُ عَبْدُ الله بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ابْنُ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ ـ وَهُوَ ابْنُ عَمَّتِهِ، فَهُوَ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْـمُطَّلِبِ ـ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، عَرَضَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ مَا عَرَضُوا، فَلَمْ تَقْبَلْهُ مِنْهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ لِأَنْفُسِهِمْ أُمُورَاً لِيَعْرِفُوا بِهَا مَنْزِلَتَكَ مِنَ اللهِ كَمَا تَقُولُ، وَيُصَدِّقُوكَ وَيَتَّبِعُوكَ فَلَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ أَنْ تَأْخُذَ لِنَفْسِكَ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ فَضْلَكَ عَلَيْهِمْ، وَمَنْزِلَتَكَ مِنَ اللهِ، فَلَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ سَأَلُوكَ أَنْ تُعَجِّلَ لَهُمْ بَعْضَ مَا تُخَوِّفُهُمْ بِهِ مِنَ العَذَابِ، فَلَمْ تَفْعَلْ ـ أَوْ كَمَا قَالَ لَهُ ـ فَوَاللهِ لَا أُومِنُ بِكَ أَبَدَاً حَتَّى تَتَّخِذَ إلَى السَّمَاءِ سُلَّمَاً، ثُمَّ تَرْقَى فِيهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ حَتَّى تَأْتِيَهَا، ثُمَّ تَأْتِي مَعَكَ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْـمَلَائِكَةِ يَشْهَدُونَ لَكَ أَنَّكَ كَمَا تَقُولُ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ مَا ظَنَنْتُ أَنِّي أُصَدِّقُكَ.
ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَانْصَرَفَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلَى أَهْلِهِ حَزِينَاً آسِفَاً لِمَا فَاتَهُ مِمَّا كَانَ يَطْمَعُ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ حِينَ دَعَوْهُ، وَلِمَا رَأَى مِنْ مُبَاعَدَتِهِمْ إِيَّاهُ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذَا هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي قَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ، قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
هَذَا هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يُضْطَهَدُ اضْطِهَادَاً بِدُونِ حُدُودٍ، وَيُغْرَى بِالدُّنْيَا إلى هَذَا الحَدِّ مِنَ الإِغْرَاءِ، خُذْ مَا تُرِيدُ مِنْ حُطَامِ الدُّنيَا في سَبِيلِ تَرْكِ هَذَا الدِّينِ، فَمَاذَا كَانَ مَوْقِفُهُ؟
لَقَدْ رَفَضَ الدُّنْيَا بِكُلِّ صُوَرِهَا، لِأَنَّهُ على يَقِينٍ بِأَنَّهُ مُسَافِرٌ مِنَ الدُّنْيَا إلى الآخِرَةِ، فَالحَيَاةُ الدُّنْيَا لَيْسَتْ مَقَرَّاً، بَلْ هِيَ مَمَرٌّ إلى دَارٍ لِيَكُونَ فِيهَا القَرَارُ في جَنَّةٍ أَو نَارٍ ـ أَجَارَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهَا ـ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُغِيثَهُ اللهُ تعالى مِنْ هَذِهِ الفِتَنِ وَالمِحَنِ شَرَحَ صَدْرَهُ للإِسْلَامِ، وَحَبَّبَ إلى قَلْبِهِ الإِيمَانَ، فَعَاشَ مَعَ كِتَابِ اللهِ تعالى، وَمَعَ سُنَّةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَتِهِ العَطِرَةِ، وَارْتَاحَ لِمَا فِيهِ مِنَ الذِّكْرَى وَالعِظَةِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ القَائِلِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْفِيَ اللهُ صَدْرَهُ مِنَ الفِتَنِ، وَأَنْ يُغِيثَهُ مِنَ المِحَنِ، فَلْيَلْتَزِمْ سُنَّةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَسِيرَتَهُ العَطِرَةَ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا على طَاعَتِكَ وَمَا يُرْضِيكَ. آمين.
وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الاثنين: 30/ محرم /1438هـ، الموافق: 31/ تشرين الأول / 2016م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد
الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد
الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد
لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد
فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد
وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد