195ـ محبة الصحابة للنبي    (2)

195ـ محبة الصحابة للنبي    (2)

195ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (2)

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ:

حَدِيثُهُ، أَوحَدِيثٌ عَـنْهُ يُطْرِبُني   ***   هَذَا إِذَا غَابَ، أَوْ هَذَا إِذَا حَضَرَا

كِـلَاهُمَا حَـسَنٌ عِـنْدِي أُسَرُّ بِهِ   ***    لَكِنَّ أَحْلَاهُمَا مَا وَافَقَ الـــنَّظَرَا

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

ثَانِيَاً: شَغَفُهُمْ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَعَشُّقُهُمْ إِيَّاهُ، فَلَا صَبْرَ لَهُمْ، إِذَا لَمْ يَشْهَدُوا مُحَيَّاهُ، فَإِذَا شَاهَدُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ، وَطَابَتْ نُفُوسُهُمْ، وَانْشَرَحَتْ صُدُورُهُمْ.

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلَاً ـ هُوَ ثَوْبَانُ أَو عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ صَاحِبُ قصَّةِ الأَذَانِ ـ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَأَنْتَ ـ أَيْ: وَاللهِ لَأَنْتَ ـ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَإِنِّي لَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى أَجِيءَ إِلَيْكَ ـ أَيْ: فَيَطْمَئِنُّ قَلْبِي وَتَقَرُّ عَيْنِي ـ وَإِنِّي ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ فَعَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنْ دَخَلْتُهَا لَا أَرَاكَ ـ أَيْ: لِأَنَّكَ في مَقَامٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ غَيْرُكَ ـ.

فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً﴾.

فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْ: طَلَبَ حُضُورَهُ ـ فَقَرَأَ الآيَةَ عَلَيْهِ.

قَالَ الحَافِظُ الزَّرْقَانِيُّ: وَالمُرَادُ بِالمَعِيَّةِ وَالمُرَافَقَةِ: كَوْنُهُ في الجَنَّةِ يَسْتَمْتِعُ فِيهَا بِرُؤْيَتِهِمْ وَزِيَارَتِهِمْ، وَالحُضُورِ مَعَهُمْ مَتَى شَاءَ، وَلَيْسَ المُرَادُ التَّسْوِيَةُ في المَنْزِلَةِ. اهـ.

وَرَوَى الإِمَامُ البَغَوِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ أَيْ: اشْتَرَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَأَعْتَقَهُ ـ وَكَانَ شَدِيدَ الحُبِّ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَلِيلَ الصَّبْرِ عَنْهُ، فَأَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ؟».

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا بِي مَرَضٌ وَلَا وَجَعٌ، غَيْرَ أَنِّي إِذَا لَمْ أَرَكَ اسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاكَ، ثُمَّ ذَكَرْتُ الآخِرَةَ فَأَخَافُ أَنْ لَا أَرَاكَ، لِأَنَّكَ تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَإِنِّي إِنْ دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَأَنَا في مَنْزِلَةٍ أَدْنَى مِنْ مَنْزِلَتِكَ ـ أَيْ: فَتَقِلُّ رُؤْيَتِي لَكَ وَلَا أُطِيقُ ذَلِكَ ـ وَإِنْ لَمْ أَدْخُلِ الجَنَّةَ لَا أَرَاكَ أَبَدَاً ـ فَالأَمْرُ أَهَمُّ وَأَعْظَمُ ـ.

فَنَزَلَتْ: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقَاً﴾.

فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَا تَطِيبُ نُفُوسُهُمْ وَلَا تَقَرُّ أَعْيُنُهُمْ إِلَّا بِمُشَاهَدَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حُبَّاً فِيهِ وَإِيمَانَاً بِهِ!

وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، إِنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي وَقَرَّتْ عَيْنِي، فَأَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ؟

فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ» أَيْ: مَاءِ الحَيَاةِ المَذْكُورِ في الآيَةِ: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ﴾ وَهُوَ المَاءُ المُشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ عَنَاصِرِ الحَيَاةِ ـ غَيْرُ المَاءِ المَعْرُوفِ، فَإِنَّهُ أَحَدُ العَنَاصِرِ.

فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْبِئْنِي عَنْ أَمْرٍ إِذَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ.

فَقَالَ: «أَفْشِ السَّلَامَ، وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ، وَصِلِ الْأَرْحَامَ، وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، ثُمَّ ادْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ».

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاتِّبَاعِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

**    **    **

تاريخ الكلمة:

الجمعة: 29/ صفر /1442هـ، الموافق: 16/تشرين الأول / 2020م

الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  من كتاب سيدنا محمد رسول الله   

20-03-2021 4055 مشاهدة
203ـ تمسح الملائكة بالقبر الشريف

رَوَى الدَّارَمِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ كَعْبَاً ـ أَيْ: كَعْبَ الأَحْبَارِ ـ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَذَكَرُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ كَعْبٌ: مَا مِنْ يَوْمٍ يَطْلُعُ ... المزيد

 20-03-2021
 
 4055
12-03-2021 2398 مشاهدة
202ـ إفاضة القبر الشريف بالأسرار والأنوار

بَابُ مَا أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ. ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ أَوْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ المَدِينَةِ قَحْطَاً شَدِيدَاً، ... المزيد

 12-03-2021
 
 2398
19-02-2021 1833 مشاهدة
201ـ بكاء الصحابة لتذكرهم عهوده صلى الله عليه وسلم

عَادَ خَبَّابَاً نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، تَرِدُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الحَوْضَ! ... المزيد

 19-02-2021
 
 1833
20-11-2020 6089 مشاهدة
200ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (2)

يَقُولُ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ المُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ سِرَاجُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ: سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ... المزيد

 20-11-2020
 
 6089
13-11-2020 3351 مشاهدة
199ـ بكاء الصحابة عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم

رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ ... المزيد

 13-11-2020
 
 3351
06-11-2020 1833 مشاهدة
198ـ محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (5)

بُكَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لِأَلَمِ فِرَاقِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُكَاؤُهُمْ لِتَذَكُّرِ مَجَالِسِهِ، وَبُكَاؤُهُمْ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ... المزيد

 06-11-2020
 
 1833

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5703
المقالات 3252
المكتبة الصوتية 4881
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 428086273
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :