6ـ شهر رمضان درة المواسم

6ـ شهر رمضان درة المواسم

6ـ شهر رمضان درة المواسم

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ النَّاظِرَ في حَالِ سَلَفِ الأُمَّةِ يَرَى فِيهِمُ اجْتِهَادًا عَظِيمًا وَاسْتِكْثَارًا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، يَرَى مِنْ أُولَئِكَ الذينَ جَعَلَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَفْوَةً اصْطَفَاهُمْ في تِلْكَ القُرُونِ المُبَارَكَةِ، اسْتِزَادَةً مِنَ التَّقْوَى وَعَمَلًا بِالصَّالِحَاتِ، وَاشْتِغَالًا بِمَا يُقَرِّبُ إلى اللهِ جَلَّ وَعَلَا.

حَتَّى إِنَّهُ قِيلَ في كَثِيرٍ مِنْهُمْ: إِنَّهُ لَوْ قِيلَ لِأَحَدِهِمْ: إِنَّ القِيَامَةَ تَقُومُ غَدًا مَا قَدِرَ أَنْ يَزِيدَ في عَمَلِهِ شَيْئًا.

وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ شَمَّرُوا في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، اجْتَهَدُوا في كُلِّ مَا يُقَرِّبُهُمْ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهِمُوا وَعَقَلُوا أَنْ هَذِهِ الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الآخِرَةِ، وَأَنَّهَا مَعْبَرٌ لَا مَقَرٌّ، الفَائِزُ فِيهَا مَنِ اجْتَهَدَ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ، مَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْ زَادِ التَّقْوَى الذي أَمَرَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِالتَّزَوُّدِ بِهِ حَيْثُ قَالَ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَقَدْ أَمَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالاشْتِغَالِ بِالطَّاعَاتِ عَلَى مَمَرِّ الأَزْمِنَةِ، وَمَهْمَا كَانَتِ الأَحْوَالُ، فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

إِنَّ النَّاظِرَ في سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا عَنْهُمْ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ في الكِتَابِ الحَكِيمِ يَرَى أَنَّ مِنْ أَوْصَافِهِمُ التي وَصَفَهُمُ اللهُ بِهَا أَنَّهُمْ قَوْمٌ يُسَارِعُونَ في الخَيْرَاتِ، قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.

وَقَدْ وَصَفَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا خَوَاصَّ عِبَادِهِ وَخُلَّصَ أَصْفِيَائِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾.

شَهْرُ رَمَضَانَ دُرَّةُ المَوَاسِمِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِرَحْمَتِهِ وَمِنَّتِهِ جَعَلَ العُمُرَ مَزْرَعَةً للآخِرَةِ، وَمِنْ عَظِيمِ فَضْلِهِ أَنْ جَعَلَ مِنَ المَوَاسِمِ مَا هُوَ مَحَلٌّ للاسْتِزَادَةِ مِنَ الخَيْرَاتِ وَالاسْتِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالمُسَابَقَةِ فِيمَا هُوَ سَبَبٌ لِحُصُولِ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ.

فَمِنْ تِلْكَ المَوَاسِمِ؛ بَلْ مِنْ أَبْرَزِ تِلْكَ المَوَاسِمِ؛ بَلْ هُوَ دُرَّةُ المَوَاسِمِ شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ، الذي خَصَّهُ اللهُ تعالى بِمَزَايَا لَمْ تَكُنْ في غَيْرِهِ، لَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ تعالى مَحَلًّا لِنُزُولِ أَعْظَمِ وَأَقْدَسِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، أَلَا وَهُوَ القُرْآنُ العَظِيمُ، قَالَ تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.

وَهُوَ شَهْرٌ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَا يَبْقَى مِنْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ النِّيرَانِ، فَلَا يَبْقَى مِنْهَا بَابٌ مَفْتُوحٌ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ».

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْـصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ».

هَذِهِ الفَضَائِلُ العَظِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ مَنْزِلَةِ هَذَا المَوْسِمِ، وَأَنَّهُ دُرَّةُ المَوَاسِمِ وَهُوَ مَحَلٌّ لِكَثِيرٍ مِنَ الخَصَائِصِ الشَّرْعِيَّةِ وَالأَعْمَالِ التَّعَبُّدِيَّةِ التي يَسْتَكْثِرُ بِهَا العَبْدُ مِنْ زَادِ التَّقْوَى مِنَ الصَّالِحَاتِ التي يُسَرُّ بِهَا يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا.

أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَخَصِّ مَا اخْتُصَّ بِهِ هَذَا الشَّهْرُ وَتَمَيَّزَ بِهِ تِلْكَ العِبَادَةَ التي رَفَعَ اللهُ شَأْنَهَا وَعَظَّمَ قَدْرَهَا، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».

وَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى اخْتِصَاصِ اللهِ بِهَذِهِ العِبَادَةِ التي جَعَلَهَا دُونَ سَائِرِ العِبَادَاتِ لَهُ، مَعَ أَنَّ العَمَلَ كُلَّهُ لَهُ، فَالدِّينُ كُلُّهُ لَهُ: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. لَكِنَّهُ أَضَافَهَا إِلَيْهِ دُونَ سَائِرِ العِبَادَاتِ لِعَظِيمِ الأَجْرِ المُرَتَّبِ عَلَيْهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ: إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».

هَذِهِ العِبَادَةُ رَتَّبَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهَا في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ الفَضْلِ وَالأَجْرِ أَنْ تُغْفَرَ ذُنُوبُ الصَّائِمِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَانْتَبِهْ إلى هَذَيْنِ القَيْدَيْنِ اللَّذَيْنِ يَغْفُلُ عَنْهُمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: «إِيمَانًا» وَالإِيمَانُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالاحْتِسَابُ هُوَ صِدْقُ الرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، تَصْدِيقًا بِمَا أَخْبَرَ اللهُ مِنَ الفَضْلِ، وَبِمَا شَرَعَ مِنَ الحِكَمِ، وَاحْتِسَابًا للأَجْرِ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فَمَنْ كَانَ هَكَذَا صِيَامَهُ فَلْيُبْشِرْ فَإِنَّ الذُّنُوبَ تَتَحَاتُّ عَنْهُ بِصِيَامِهِ هَذَا الشَّهْرَ المُبَارَكَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

فَصَدَقَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْـصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» مِنْ لَيَالِي هَذَا الشَّهْرِ.

نَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عُتَقَاءِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنَ النَّارِ.

هُوَ سَبَبٌ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِنْ أَبْوَابِ البِرِّ وَصُنُوفِ الخَيْرِ وَطَرَائِقِ الإِحْسَانِ التي خَصَّ اللهُ بِهَا هَذَا الشَّهْرَ المُبَارَكَ أَنْ جَعَلَ قِيَامَ لَيْلِهِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا سَبَبًا لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَحَطِّ الخَطَايَا وَالسَّيِّئَاتِ.

فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

وَهَذَا مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

إِنَّ أَسْبَابَ المَغْفِرَةِ في هَذَا الشَّهْرِ كَثِيرَةٌ: الصَّوْمُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا سَبَبٌ للمَغْفِرَةِ، قِيَامُ أَيَّامِ هَذَا الشَّهْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا سَبَبٌ للمَغْفِرَةِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ يَحْصُلُ بِأَنْ يُلَازِمَ المُؤْمِنُ أَهْلَ المَسَاجِدِ في صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ قِيَامُ رَمَضَانَ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا (يَعْنِي صَلَاةَ اللَّيْلِ) حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ (أَيْ سَبْعُ لَيَالٍ مِنَ الشَّهْرِ) فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ (أَيْ مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ وَهُمْ يُصَلُّونَ) ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةِ (أَيْ في الخَامِسَةِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ) حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ (أَيْ لَو أَعْطَيْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا صَلَاةً وَعِبَادَةً).

فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».

سَوَاءُ طَالَ قِيَامُهُ أَو قَصُرَ، فَاحْرِصْ عَلَى مُلَازَمَةِ الأَئِمَّةِ في صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ حَتَّى يَنْصَرِفُوا، فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَسَبَبٌ لِتَحْصِيلِ الفَضْلِ الذي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

لَكِنْ إِيَّاكَ أَنْ تَقْتَصِرَ في الاشْتِغَالِ عَلَى فَضْلِ القِيَامِ بِالصُّورَةِ فَقَطْ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُبَادِرُ إلى المَسَاجِدِ التي تُقَصِّرُ صَلَاتَهَا وَيَخِفُّ رُكُوعُهَا وَسُجُودُهَا، وَلَا يُتَدَبَّرُ مَا يُقْرَأُ فِيهَا، فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُمْ رَمَضَانَ، لَمْ يَقُمِ اللَّيَالِيَ حَقَّ القِيَامِ، فَإِنَّ القِيَامَ هُوَ أَنْ يَقُومَ الإِنْسَانُ رَاغِبًا فِيمَا عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا بِقَلْبٍ خَاشِعٍ وَعَيْنٍ دَامِعَةٍ وَلِسَانٍ ذَاكِرٍ وَمُتَدَبِّرٍ لِمَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَمَا يَسْمَعُهُ مِنْ كَلَامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِيَكُونَ في زُمْرَةِ مَنْ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهِمْ: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

فِيهِ لَيْلَةُ القَدْرِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِمَّا ازْدَانَ بِهِ هَذَا الشَّهْرُ، وَإِنَّ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ اللهُ هَذَا الشَّهْرَ دُونَ سَائِرِ لَيَالِي الزَّمَانِ لَيْلَةَ القَدْرِ التي جَعَلَهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، عَظَّمَ اللهُ شَأْنَهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾. وَهَذَا أَوَّلُ التَّعْظِيمِ أَنِ اخْتَصَّهَا اللهُ لِإِنْزَالِ خَيْرِ آيَةٍ أُوتِيَهَا نَبِيٌّ، وَهِيَ القُرْآنُ العَظِيمُ ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾. وَهَذَا تَعْظِيمٌ آخَرُ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ لِشَأْنِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾. فَفَضْلُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا في هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَظِيمٌ وَخَيْرُهُ فِيهَا جَزِيلٌ، كَمْ فِيهَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ العُتَقَاءِ؟ كَمْ فِيهَا مَنْ يَرْفَعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أُجُورَهُمْ وَيُعْلِي مَنَازِلَهُمْ بِمَا مَعَهُمْ مِنْ صِدْقِ الرَّغْبَةِ وَجِدِّ العَزِيمَةِ في طَلَبِ رَحْمَةِ اللهِ وَمَغْفِرَتِهِ؟ فَإِنَّهُ مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

شَهْرُ رَمَضَانَ مَحَلٌّ لِكَثْرَةِ تِلَاوَةِ القُرْآنِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِنْ أَبْوَابِ البِرِّ وَصُنُوفِ الخَيْرِ التي يَزْدَانُ بِهَا هَذَا الشَّهْرُ أَنَّهُ مَحَلٌّ لِكَثْرَةِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، قِرَاءَةُ القُرْآنِ التي هِيَ شِفَاءُ القُلُوبِ، وَاسْتِقَامَةُ الأَحْوَالِ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَخْبَرَ بِأَنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي للتي هِيَ أَقْوَمُ، وَهِدَايَتُهُ للتي هِيَ أَقْوَمُ في العَقَائِدِ وَالأَعْمَالِ وَالأَخْلَاقِ وَالأَحْكَامِ وَجَمِيعِ الشُّؤُونِ، فَمِمَّا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ أَنْ أَنْزَلَ فِيهِ القُرْآنَ، فَحَقُّهُ أَنْ يُجْتَهَدَ فِيهِ في قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَأَنْ يُوَفِّرَ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَلَى الاسْتِكْثَارِ مِنَ القِرَاءَةِ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ القُرْآنَ، ذَكَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَنْزَلَ فِيهِ القُرْآنَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ فَرْضِيَّةَ الصِّيَامِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وتعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾. ثُمَّ قَالَ: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.

فَالصِّيَامُ هُوَ شُكْرٌ لِتِلْكَ المِنَنِ، وَقِيَامٌ بِحَقِّ تِلْكَ النِّعَمِ، وَهُوَ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتعالى وَاخْتَصَّ بِهِ هَذَا الشَّهْرَ مِنْ إِنْزَالِ هَذَا القُرْآنِ الحَكِيمِ.

فَاسْتَكْثِرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ، اسْتَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَتَدَبُّرِهِ وَتِلَاوَتِهِ وَسَمَاعِهِ وَالاهْتِدَاءِ بِنُورِهِ، فَهَذَا القُرْآنُ يَهْدِي للتي هِيَ أَقْوَمُ.

وَمِنَ المَحْفُوظِ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ في رَمَضَانَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وَفِي العَامِ الذي قُبِضَ فِيهِ خَتَمَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ في: بَابِ: كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ القُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.

وَلَكِنِ انْتَبِهْ أَيُّهَا الأَخُ الكَرِيمُ، إِيَّاكَ وَأَنْ يَكُونَ هَمُّكَ في قِرَاءَتِكَ أَنْ تَخْتِمَ القُرْآنَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ؛ لَا تَقِفُ عِنْدَ عِظَاتِهِ، وَلَا تَعْتَبِرُ بِمَا فِيهِ مِنَ العِبَرِ وَلَا تَمْتَثِلُ مَا فِيهِ مِنَ الأَحْكَامِ.

جَاءَ رَجُلٌ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَسْأَلُهُ مَسْأَلَةً مِنَ العِلْمِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ كَلَامًا، فَأَرَادَ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يُبَيِّنَ تَقَدُّمَهُ وَحِفْظَهُ في القُرْآنِ وَضَبْطَهُ لَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي لَأَقْرَأُ المُفَصَّلَ في رَكْعَةٍ (المُفَصَّلُ أَيْ مِنْ سُورَةِ الحُجُرَاتِ إلى آخِرِ النَّاسِ، مِنْ سُورَةِ الحُجُرَاتِ أَو مِنْ سُورَةِ ق إلى آخِرِ المُصْحَفِ يَقْرَؤُهُ في رَكْعَةٍ).

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ مُؤَدِّبًا مُعَلِّمًا مُرَبِّيًا: هَذًّا مِثْلَ هَذِّ الشِّعْرِ، أَوْ نَثْرًا مِثْلَ نَثْرِ الدَّقَلِ ـ الدَّقْلُ هُوَ رَدِيءُ التَّمْرِـ؟ أَيْ تَقْرَؤُهُ هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ؛ وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ في القَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّافِعَ في القِرَاءَةِ لَيْسَ كَثْرَةَ الخَتَمَاتِ وَلَا كَثْرَةَ المَقْرُوءِ مِنَ الكِتَابِ، إِنَّمَا النَّافِعُ هُوَ أَنْ تَكُونَ القِرَاءَةُ مُؤَثِّرَةً، قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا في رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ: هَذًّا مِثْلَ هَذِّ الشِّعْرِ أَو نَثْرًا مِثْلَ نَثْرِ الدَّقَلِ؟ إِنَّمَا فَصَّلَ لِتُفَصِّلُوا (أَيْ إِنَّ القُرْآنَ فُصِّلَ وَبُيِّنَ وَجُزِّئَ لِتُفَصِّلُوا في قِرَاءَتِهِ وَتَقِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَتُحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ).

دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ في طَرِيقِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ، فَلَمَّا رَأَتْهُ وَسَمِعَتْهُ يَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ قَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَهَكَذَا تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ؟ وَاللهِ إِنِّي فِيهَا لَمِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، تَقْرَأُ سُورَةَ هُودٍ؟ أَنْكَرَتْ عَلَى أَحَدِ طُلَّابِ العِلْمِ هَذِهِ القِرَاءَةَ التي خَفَّ بِهَا لِسَانُهُ وَلَمْ يَقِفْ عِنْدَ مَا فِيهَا مِنَ المَعَانِي، وَيَتَدَبَّرْ.

وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فَقِرَاءَةُ آيَةٍ بِتَفَكُّرٍ وَتَفَهُّمٍ خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَةِ خَتْمَةٍ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ وَتَفَهُّمٍ، وَأَنْفَعُ للقَلْبِ وَأَدْعَى إلى حُصُولِ الإِيمَانِ وَذَوْقِ حَلَاوَةِ القُرْآنِ.

فَالوَاجِبُ عَلَيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ أَنْ نَهْتَمَّ بِفَهْمِ القُرْآنِ، بِمَعْرِفَةِ مَعَانِيهِ، بِمَا فِيهِ مِنَ العِظَاتِ وَالعِبَرِ، وَلَا أَسْهَلَ عَلَى الإِنْسَانِ في تَحْصِيلِ هَذَا مِنْ أَنْ يَقْتَنِيَ كِتَابًا يُبَيِّنُ لَهُ مَعَانِيَ القُرْآنِ، وَيُجَلِّيَ لَهُ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ شَهْرُ القُرْآنِ، إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ الإِنْسَانُ قِرَاءَةً وَفَهْمًا فُتِحَ لَهُ فِيهِ مِنَ الخَيْرِ مَا لَا يَجِدُهُ في غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا وَفَّرَ نَفْسَهُ عَلَى الشَّيْءِ حَصَّلَ مِنْهُ مَا لَا يُحَصِّلُهُ في غَيْرِهِ.

شَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ الإِحْسَانِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِنْ فَضَائِلِ الأَعْمَالِ التي نَدَبَ إِلَيْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ الأَنَامِ في هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ في شَهْرِ رَمَضَانَ الإِحْسَانَ إلى الخَلْقِ، فَإِنَّ الإِحْسَانَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَعَمَلًا وَجُودًا وَبِرًّا وَكَرَمًا هُوَ هَدْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَالنُّفُوسُ ـ بِسَبَبِ مَا تَشْتَغِلُ بِهِ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنَ الصِّيَامِ، مِنَ القِيَامِ، مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، مِنَ المُسَابَقَةِ في تَحْصِيلِ الفَضَائِلِ ـ تَزْكُو، تَتَخَلَّصُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَسْبَابِ الانْحِرَافِ، مِنْ أَسْبَابِ القُعُودِ، وَإِذَا زَكَتِ النَّفْسُ طَهُرَتْ، وَإِذَا طَهُرَتْ بَذَلَتِ الخَيْرَ.

رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ (هَذَا هُوَ هَدْيُهُ وَخُلُقُهُ عَلَى وَجْهِ العُمُومِ) وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ القُرْآنَ يُؤَثِّرُ في النُّفُوسِ، فَإِذَا كَانَ القُرْآنُ يُؤَثِّرُ في نَفْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَيَزْدَادُ جُودُهُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَأَسَّى بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ القُرْآنُ مُؤَثِّرًا في أَخْلَاقِنَا صَلَاحًا، وَفِي أَعْمَالِنَا اسْتِقَامَةً، وَفِي نَشَاطِنَا في الطَّاعَةِ زِيَادَةً وَكَثْرَةً، فَإِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ وَخَرَجَ مِنْهُ بِلَا نَفْعٍ وَلَا زِيَادَةٍ مِنَ الخَيْرِ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَّلَ المَقْصُودَ مِنْ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، فَأَحْسِنُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ وَأَكْثِرُوا مِنَ الإِحْسَانِ، وَلَيْسَ الإِحْسَانُ بِبَذْلِ المَالِ فَقَطْ، بَلِ الإِحْسَانُ يَنْتَظِمُ كُلَّ طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ البِرِّ، فَإِذَا عَجَزْتَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، عَامِلِ النَّاسَ مُعَامَلَةً حَسَنَةً، ابْذُلِ الخَيْرَ للنَّاسِ، عَاوِنْهُمْ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ إِعَانَةٍ، وَإِذَا حَصَلَ لَكَ ذَلِكَ فَأَبْشِرْ فَإِنَّكَ عَلَى خَيْرٍ وَقَدْ حَصَّلْتَ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجُودِ وَحُسْنِ الأَخْلَاقِ.

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ شَهْرُ الاعْتِكَافِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِنْ أَبْوَابِ الخَيْرِ وَمِنْ أَبْوَابِ الطَّاعَةِ وَمِمَّا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْتَغِلَ بِهِ في هَذَا الشَّهْرِ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ، مَا سَنَّهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَحَافِظْ عَلَيْهِ مِنِ اعْتِكَافِ العَشْرِ الأَخِيرِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَاوَمَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ، وَحَافِظْ عَلَيْهَا.

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.

فَاحْرِصُوا عَلَى هَذِهِ العِبَادَةِ التي هِيَ سَبَبٌ لِحُصُولِ فَضْلِ لَيْلَةِ القَدْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا اعْتَكَفَ العَشْرَ الأَوَاخِرَ طَالِبًا لِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَلِذَلِكَ كَانَ يَجْتَهِدُ في العَشْرِ الأَخِيرِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ.

وَالاعْتِكَافُ لَيْسَ البَقَاءَ في المَسْجِدِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ، إِنَّمَا هُوَ بَقَاءٌ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ بَقَاءٌ يَلْزَمُ فِيهِ الإِنْسَانُ المَسْجِدَ تَعَبُّدًا للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَةً وَطَلَبًاً لِرِفْعَةِ الدَّرَجَاتِ وَالرِّفْعَةِ في الدَّارِ الآخِرَةِ، وَهَذَا يَعْنِي أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الإِنْسَانُ بِأَيِّ شَيْءٍ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الفَضَائِلَ، فَاشْتِغَالُ النَّاسِ بِكَثْرَةِ الكَلَامِ وَالمُخَالَطَةِ وَالذَّهَابِ وَالمَجِيءِ في المَسَاجِدِ يُنَافِي مَقْصُودَ الاعْتِكَافِ، وَمِمَّا لَا يَحْصُلُ بِهِ الفَضْلُ المُرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَاحْرِصُوا عَلَى أَنْ يَكُونَ اعْتِكَافُكُمُ اعْتِكَافًا يَحْصُلُ بِهِ المَقْصُودُ، وَهُوَ زَكَاءُ الأَخْلَاقِ وَالاجْتِهَادُ في الطَّاعَةِ، وَالتَّقَرُّبُ وَالاسْتِزَادَةُ مِنْ زَادِ التَّقْوَى.

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ الدُّعَاءِ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِنَّ مِمَّا يَنْبَغِي للمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِيهِ وَأَنْ يُعْمِلَ وَقْتَهُ فِيهِ، تِلْكَ العِبَادَةَ التي ذَكَرَهَا اللهُ في ثَنَايَا آيَاتِ الصِّيَامِ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا ذَكَرَ فَرْضِيَّةَ الصِّيَامِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

ثُمَّ بَيَّنَ أَحْكَامَهَا، وَفِي ثَنَايَا هَذِهِ الأَحْكَامِ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ خَصَائِصِ الصِّيَامِ أَنْ يَجْتَهِدَ الإِنْسَانُ في الدُّعَاءِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الدُّعَاءِ في ثَنَايَا آيَاتِ الصِّيَامِ يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ شَأْنِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ مَوَاطِنِ الإِجَابَةِ، وَقَدْ جَاءَ في ذَلِكَ حَدِيثٍ فِيهِ بَعْضُ الوَهَنِ لَكِنَّهُ يَعْتَضِدُ بِمِثْلِ هَذِهِ الإِشَارَةِ التي تَضَمَّنَتْهَا آيَاتُ الصِّيَامِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً» رَوَاهُ الإِمَامُ الحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَقَدْ عَمِلَ بِذَلِكَ سَلَفُ الأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَكَانُوا يَجْتَهِدُونَ في الدُّعَاءِ في الفِطْرِ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ رَضِيَ اللهُ عَنِ الجَمِيعِ.

فَاجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ في الدُّعَاءِ في هَذَا الشَّهْرِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ وَجَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى الدُّعَاءِ في أَشْرَفِ أَوْقَاتِ هَذَا الشَّهْرِ في لَيْلَةِ القَدْرِ، فَسَأَلَتْهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ كَمَا رَوَى التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟

قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي».

 فَوَجَّهَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى السُّؤَالِ وَالدُّعَاءِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ في هَذَا الشَّهْرِ لَهُ مِنَ الخَاصِّيَّةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، فَيَنْبَغِي للمُؤْمِنِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِيهِ وَأَنْ يُعْمِلَ نَفْسَهُ في الاسْتِكْثَارِ مِنْهُ، لَا سِيَّمَا في مَوَاطِنِ الإِجَابَةِ: كَالأَسْحَارِ، وَبَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَأَدْبَارَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَةِ وَالمَسْنُونَةِ.

خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ:

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: هَذِهِ بَعْضُ اللَّمَحَاتِ عَنْ بَعْضِ الأَعْمَالِ التي تَكُونُ في ذَلِكَ المَوْسِمِ الكَرِيمِ، فَطُوبَى لِمَنْ كَانَتِ التَّقْوَى بِضَاعَتَهُ في شَهْرِهِ وَكَانَ بِحَبْلِ اللهِ مُعْتَصِمًا.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: لَا مَكَانَ لِتَرَيُّثٍ وَلَا لِتَأْخِيرٍ في المُسَارَعَةِ إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، فَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَطِيَّتَانِ تَحُثَّانِ السَّيْرَ إلى المَنَايَا وَالآجَالِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾.

قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِاغْتِنَامِ أَنْفَاسِ أَعْمَارِنَا في طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ. آمين.

**      **    **

تاريخ الخطبة:

الثلاثاء: 4/ رمضان /1443هـ، الموافق: 5/نيسان / 2022م

 2022-04-06
 444
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  دروس رمضانية

14-03-2024 330 مشاهدة
1-مواساة لأصحاب الأعذار في رمضان

يَا مَنْ أَقْعَدَكُمُ المَرَضُ عَنِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَقُلُوبُكُمْ تَتَلَهَّفُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، أَبْشِرُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فَأَنْتُمْ في نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، مَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ تَتَطَلَّعُ للصِّيَامِ ... المزيد

 14-03-2024
 
 330
26-05-2022 695 مشاهدة
28ـ غزوة بدر وحسرة المشركين

فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، التي جَسَّدَتْ لَنَا بِوُضُوحٍ تَامٍّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * ... المزيد

 26-05-2022
 
 695
26-05-2022 519 مشاهدة
27ـ غزوة بدر درس عملي لكل ظالم ومظلوم

غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى فِيهَا دَرْسٌ عَمَلِيٌّ لِكُلِّ ظَالِمٍ، وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِ الغَزْوَةِ يَقُولُ لِكُلِّ مَظْلُومٍ: اصْبِرْ وَصَابِرْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحِيدَ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، فَالعَاقِبَةُ لَكَ، ... المزيد

 26-05-2022
 
 519
29-04-2022 388 مشاهدة
26ـ غزوة بدر وتواضع القائد

مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى نَتَعَلَّمُ خُلُقَ التَّوَاضُعِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 388
29-04-2022 822 مشاهدة
25ـ هنيئًا لكم أيها الصائمون القائمون

يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ... المزيد

 29-04-2022
 
 822
29-04-2022 937 مشاهدة
24ـ أقوام عاشوا عيش السعداء

الزَّمَنُ يَمضِي ولا يَعُودُ، ولَيسَ هُناكَ شَيءٌ أسرَعُ من الزَّمَنِ، فهوَ لا يَتَوَقَّفُ، تَمُرُّ اللَّيالِي والأيَّامُ والشُّهُورُ والسَّنَوَاتُ على الإنسَانِ ويَنتَهِي وُجُودُهُ فِيها كَأَنَّهُ لم يَلبَثْ فِيها إلا سَاعَةً من الزَّمَنِ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 937

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413184847
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :