101ـ نحو أسرة مسلمة: أسباب منع القطر من السماء وعلاجها

101ـ نحو أسرة مسلمة: أسباب منع القطر من السماء وعلاجها

 

مقدمة الدرس:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيها الإخوة الكرام، لقد كنا على موعد أن نتحدث فيما بين بعضنا البعض عن علامات الحج المبرور، ولكن لقد سمعتم كما سمعت بأنه توجَّه الأمر إلى الأمة بأن يصلوا صلاة الاستسقاء، والاستسقاء هو طلب السقيا من الله تعالى، هو طلب المطر من الله تعالى، هو طلب الغياث من الله تعالى في أن يغيث العباد والبلاد، في أن ينزل المطر، وينبت الزرع، ويدرَّ لنا الضرع.

الأمنية غير الرجاء:

أيها الإخوة الكرام: ما بُنِيَ على صحيح فهو صحيح، وما بُنِيَ على باطل فهو باطل، أيها الإخوة يجب أن يكون الدعاء مبنياً على أساسٍ من الرجاء لا على أساسٍ من التمني، التمنِّي هو طلب الشيء بدون عمل صحيح، والله تعالى يقول: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}.

أما الرجاء فهو عمل، قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. والناس اليوم في الغالب الأعم يعيشون في التمني لا في الرجاء، يريدون استجابة الدعاء بدون عمل، بناء على حسن الظن، ولو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.

احمل همَّ الدعاء لا استجابته:

أيها الإخوة الكرام: انظروا إلى كلام سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه، الذي أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأمة بأن نأخذ بسنَّته، وذلك بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (عَلَيْكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ) رواه الترمذي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.

كان يقول سيدنا عمر رضي الله عنه: إني لا أحمل همَّ الإجابة، ولكن أحمل همَّ الدعاء، فإن أُلهمت الدعاء فإنَّ الإجابة معه.

لماذا؟ لأن الإيمان بوعد الله عز وجل الذي لا يخلف واجب على الأمة، فمن شكَّ في تحقيق الوعد فالخلل في إيمانه، أو الخلل في عمله، والمؤمن لا شكَّ أنه لا يشك في وعد الله تعالى بأنه لا يخلف، ولكن الخلل في العمل.

من هذا المنطلق كان يخاف سيدنا عمر رضي الله عنه من أن لا يتقن عمله وخاصة الدعاء، وما كان يخاف من عدم استجابة الدعاء لأن الاستجابة وعد من الله تعالى، والوعد محقَّق لا محالة.

ربنا عز وجل يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. الآية الكريمة تضمنت أمراً وخبراً، أما الأمر فهو الدعاء، وأما الوعد فهو الاستجابة.

فإذا لم ير العبد استجابةً فيجب عليه أن يعلم بأن الخلل في دعائه وليس في الوعد من الله تعالى، لأن الله تعالى يقول: {وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون}.

فسيدنا عمر رضي الله عنه يفكر في الأمر ويحمل همَّه، هل يطبقه كما أراد الله عز وجل، ولا يحمل همَّ الاستجابة لأنها محقَّقة بوعد الله الذي لا يُخلف.

نحن ندعو ونقول في بعض أدعيتنا: اللهم إنا دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا، فهل دعونا الله تعالى وحققنا شروط الدعاء؟

شروط استجابة الدعاء:

أيها الإخوة الكرام: كلُّنا يعلم قول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. فقد أخبرنا الله تعالى في هذه الآية الكريمة بأننا إن دعوناه استجاب لنا، ولكن ذكر لنا في موطن آخر شرط استجابة الدعاء، فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون}. فطلب منا أن نستجيب له إذا أردنا أن يستجيب لنا.

الله تبارك وتعالى ينادينا بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}. آمراً وناهياً وهو الغني عنا ونحن الفقراء إليه، ونحن ندعوه طالبين ومستعيذين، فإذا أردنا أن يستجيب لنا فيجب علينا أن نستجيب له أولاً، فإن استجبنا له استجاب لنا. هذا الشرط الأول.

الشرط الثاني: أن يكون المطعم والمشرب من حلال، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.

الشرط الثالث: أن نسأل الله تعالى من فضله، قال تعالى: {وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. ولا تعتقد أنه لك حقٌّ عند الله تعالى مقابل عملك، لأن عملك لا يوصلك إلى ما تريد، يجب عليك أن تعمل امتثالاً لأمر الله تعالى، ثم تسأل الله تعالى من فضله، قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا}.

سأل بعض القوم رجلاً صالحاً أن يدعو الله لهم بأن يغيثهم بالمطر، فقال لهم: أنتم تنتظرون المطر من السماء، وأنا انتظر الحجارة من السماء، وذلك نظراً منه لعمله.

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}:

أيها الإخوة الكرام: لقد أعطانا الله عز وجل أمثلة في القرآن العظيم في استجابة الدعاء لعباده، قال تبارك وتعالى في سورة الأنبياء:

1ـ {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم}. سيدنا نوح عليه السلام دعا ربه، فاستجاب له مولانا ونجاه من الكرب العظيم.

2ـ وقال في حقِّ أيوب عليه السلام: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين}. استجاب الله تعالى لدعائه.

3ـ وقال في حق سيدنا يونس عليه السلام: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِين}. أدخله الله تعالى في ضيق لا مثيل له، ولكن دعا سيدنا يونس عليه السلام وحقَّق شروط الدعاء فاستجاب الله تعالى ونجَّاه من الغم، ووعد أن ينجي المؤمنين إذا دعوه.

4ـ وقال في حق سيدنا زكريا عليه السلام: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}.

استجاب الله تعالى لدعائهم لأنه هو القائل لهم ولسائر عباده قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.

ولكن أيها الإخوة الكرام لو نظرنا إلى ختام هذه الآيات التي تحدثت عن دعاء سيدنا نوح وسيدنا أيوب وسيدنا يونس وسيدنا زكريا عليهم السلام وأن الله تعالى استجاب لهم، ختم الله تعالى هذه الآيات بقوله جلَّت قدرته، واصفاً هؤلاء الداعين بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين}.

ذكر لنا ربنا عز وجل صفاتهم قبل دعاء الاضطرار بصفات ثلاث:

أولاً: كانوا يسارعون في الخيرات، لا يَدَعون خيراً من الخيرات يقربهم إلى الله تعالى إلا وسارعوا فيه، فهم يعيشون في الخيرات ويسارعون فيها، لم يقل ربنا عز وجل: كانوا يسارعون إلى الخيرات، بل قال: {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}.

ثانياً: كانوا يدعون الله تعالى رغباً ورهباً، في سائر أحوالهم، تعرَّفوا على الله في الرخاء قبل الشدائد، وسألوه رغبةً ورهبة.

ثالثاً: كانوا خاشعين لله خاضعين لأوامره، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

هل نسارع في الخيرات؟

أيها الإخوة الكرام: كان وصف الأنبياء والمرسلين أنهم يسارعون في الخيرات ويدعون الله رغبةً ورهبة، وكانوا خاشعين لله فاستحقوا أن يستجيب الله عز وجل لهم، ولكن كيف حال الناس اليوم، هل يسارعون في الخيرات أم في المنكرات؟ لنأخذ أمثلة على ذلك:

1ـ أكل الربا والعياذ بالله تعالى: بعض الناس اليوم يسارع، وبكلِّ أسف ترى اليوم بعض روَّاد المساجد الذين يحافظون على صلاة الجمعة والجماعة، وربما أطلقوا لحاهم وحضروا مجالس العلم والعلماء يسارعون في الربا.

انظروا إلى البنوك الربوية وشدة الزحام فيها، هذا يريد قرضاً ربوياً من أجل السكن، والآخر من أجل محل، والآخر من أجل الزواج، والآخر من أجل رأس المال، والكلُّ يعلم بأن الله تعالى أعلن حربه على المرابين وذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُون}.

هذا الحديث عن الربا الظاهر، أما الربا الباطن فحدِّث عنه بلا حرج، وقع الناس فيه من حيث يشعرون أو لا يشعرون، مثل ذلك:

أـ قرض يدفع للمزارعين ومصنعي الجبن واللبن من أصحاب سوق الهال من أجل أن يدفع المزارع لصاحب المحل في سوق الهال بضاعته ليبيعها له ويأخذ أجراً عليه، هذا القرض من أجل أي شيء يدفعه صاحب المحل للمزارع، هل هو قرض لوجه الله عز وجل أم لجرِّ النفع له في بيع تجارة المزارع؟ والقاعدة تقول: كلُّ قرضٍ جرَّ نفعاً فهو ربا.

ب ـ عقود الرهنية التي نعيشها في بلدنا هذا، هي داخلة تحت هذه القاعدة: كلُّ قرضٍ جرَّ نفعاً فهو ربا، فطالب المسكن يدفع مبلغاً معيناً من المال لصاحب الدار أو المحل على أن يسكن فيها لأَجَل بدون أجرة أو بأجر رمزي، وهذا من الربا الخفي الذي تجاهله كثيرون من الناس.

2ـ الاحتكام لغير شرع الله عز وجل، بعض الناس اليوم يسرع للاحتكام لغير ما شرع الله تعالى وهو يقرأ ويسمع قول الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.

وإنه من تقدير الله عز وجل أن تكون دائرة الإفتاء بحلب بجانب قصر العدل، انظر إلى الازدحام في قصر العدل والزهد في دائرة الإفتاء، والكلُّ يعلم بأن الاحتكام للشرع مجاناً والاحتكام في قصر العدل لا يكون إلا بدفع المال، يا سبحان الله، النار تُشترى بالمال والجنة يُزهد فيها.

3ـ السفور والاختلاط بين الرجال والنساء، ترى اليوم الكثير من الناس من يسارع في مسألة تحريض النساء على السفور والتبرج والاختلاط بين الرجال والنساء، وربنا عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. ويقول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. ويقول جلَّت قدرته: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}. ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

وبعض القوم يسارع إلى عكس هذه الأوامر والنداءات الإلهية، وربنا عز وجل يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم}.

4ـ المسارعة في أكل أموال الناس بالباطل، والتي من جملتها أراضي الإصلاح الزراعي، حيث أُخذت من أصحابها بغير حق، ودُفعت لغير أصحابها من غير حق، ترى الكثير من الفلاحين من يسارع في ذلك وهو لا يبالي هذه الأرض من حقه أم من حق غيره، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.

5ـ المسارعة في منع الزكاة، والكلُّ يحفظ قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُون}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (ما منع قوم الزكاة إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا) رواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه.

لا تكن سبباً في القحط:

أيها الإخوة الكرام: من أكل الربا كان سبباً في القحط، وكذلك من أطعمها ومن شهدها ومن كتبها، ومن احتكم لغير شرع الله كان سبباً في القحط، وإذا كانت المرأة سافرة واختلطت بالرجال كانت سبباً في القحط، ومن أكل أموال الناس بالباطل كان سبباً في القحط، ومن منع الزكاة كان سبباً في القحط، لأن الله تعالى يقول: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:

أيها الإخوة الكرام: نحن سوف ندعو الله عز وجل ونسأله مع كل تقصيرنا، لأنه لا غنى بنا عن رحمة ربنا عز وجل، ولن تكون نملة أعقل منا، جاء في الحديث الذي رواه الطبراني عن أبي الصديق الناجي قال: (خرج سليمان عليه السلام يستسقي، فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ولا غنى بنا عن سقياك، وإلا تسقنا تهلكنا. فقال سليمان عليه السلام: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم). سوف ندعو الله عز وجل ونسأله بالشيوخ الركع وبالأطفال الرُضَّع وبالهائم الرُتَّع أن يغنينا، وأن يردَّنا إلى دينه رداً جميلاً.

أيها الإخوة: لنتب إلى الله تعالى ولنكثر من الاستغفار، ولنعد الحقوق لأصحابها رجاء أن يرحمنا ربنا عز وجل، ونقول: يا ربنا إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا إنا نبرأ إليك من جميع المنكرات ما ظهر منها وما بطن.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

**     **     **

 

 2010-12-08
 39050
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  نحو أسرة مسلمة

28-01-2018 4147 مشاهدة
200ـ نحو أسرة مسلمة: اللَّهُمَّ فهمنيها

لِتَحْقِيقِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِنَا الأُسَرِيَّةِ لَا بُدَّ مِنَ التَّعَامُلِ مَعَ القُرْآنِ العَظِيمِ تَعَامُلَاً صَحِيحَاً، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتِّلَاوَةِ مَعَ التَّدَبُّرِ، قَالَ تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ... المزيد

 28-01-2018
 
 4147
21-01-2018 4999 مشاهدة
199ـ نحو أسرة مسلمة :مفتاح سعادتنا بأيدينا

كُلَّمَا تَذَكَّرْنَا يَوْمَ الحِسَابِ، يَوْمَ العَرْضِ عَلَى اللهِ تعالى، يَوْمَ نَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى حُفَاةً عُرَاةً غُرْلَاً، وَكُلَّمَا تَذَكَّرْنَا الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَنَعِيمَ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَعَذَابَ أَهْلِ النَّارِ، ... المزيد

 21-01-2018
 
 4999
14-01-2018 3600 مشاهدة
198ـنحو أسرة مسلمة : بعد كل امتحان ستعلن النتائج

صَلَاحُ أُسَرِنَا لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا عَرَفَ كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ الغَايَةَ مِنْ وُجُودِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ الكَثِيرُ مِنَ الأَزْوَاجِ مِمَّنْ دَخَلَ الدُّنْيَا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَهُوَ لَا يَدْرِي وَلَا يَعْلَمُ لِمَاذَا ... المزيد

 14-01-2018
 
 3600
08-01-2018 4183 مشاهدة
197ـنحو أسرة مسلمة: وصية الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لنا

القُرْآنُ العَظِيمُ الذي أَكْرَمَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَاصْطَفَانَا لِوِرَاثَتِهِ هُوَ مَصْدَرُ سَعَادَتِنَا في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَمَنْ أَرَادَ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهِ الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَعَلَيْهِ ... المزيد

 08-01-2018
 
 4183
31-12-2017 4215 مشاهدة
196ـ نحو أسرة مسلمة :دمار الأسر بسبب الفسق والفجور

إِنَّ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاءِ البُيُوتِ، وَكَثْرَةِ الخِلَافَاتِ بَيْنَ الأَزْوَاجِ، المَعَاصِيَ وَالمُنْكَرَاتِ، التي تُنَكِّسُ الرُّؤُوسَ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ، وَالتي تُسْلِمُ إلى مُقَاسَاةِ العَذَابِ الأَلِيمِ في الدُّنْيَا قَبْلَ ... المزيد

 31-12-2017
 
 4215
24-12-2017 4003 مشاهدة
195ـنحو أسرة مسلمة : أين بيوتنا من تلاوة القرآن؟

سِرُّ سَعَادَتِنَا في حَيَاتِنَا الزَّوْجِيَّةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَحَوُّلِنَا مِنَ الشَّقَاءِ إلى السَّعَادَةِ القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ هِدَايَتِنَا مِنَ الضَّلَالِ إلى الهُدَى القُرْآنُ العَظِيمُ، وَسِرُّ تَمَاسُكِ أُسَرِنَا ... المزيد

 24-12-2017
 
 4003

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412744271
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :