44ـ بمناسبة حلول شهر رمضان: أسئلة هامة في الصيام(2)

44ـ بمناسبة حلول شهر رمضان: أسئلة هامة في الصيام(2)

 

سؤال: أنا مقيم مع عائلتي منذ شهر في ألمانيا وسنعود لسورية بعد 3 أيام. أمامنا يوم السفر 200 كم قطار بالإضافه ل 4 ساعات بالطائرة. فما حكم الإفطار مع العلم أن زوجتي تحتاج لحب منع الدوار قبل إقلاع الطائرة بنصف ساعة، وهل يفضل الصوم بالنسبة إلي لأني والحمد لله لن أحتاج لمثل هذا الدواء؟

الجواب: إذا شرعتم في السفر من ألمانيا قبل أذان الفجر فلكم الرخصة في الفطر، وذلك لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}. ولكنَّ وصية الله عز وجل: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون}. لأن أيام رمضان معدودة.

وأما إذا شرعتم في السفر بعد أذان الفجر فيجب عليكم الشروع في الصوم، فإذا شعرتم بجهد وتعب بعد الشروع في السفر فلا حرج عليكم في الفطر، وعليكم القضاء دون الكفارة.

وبناء على ذلك:

فإذا كانت بداية سفركم قبل أذان الفجر فلا حرج من الفطر، وخاصة بالنسبة للزوجة التي تحتاج إلى دواء الدوار، والصوم بالنسبة لك أولى من الفطر.

أما إذا كان سفركم بعد أذان الفجر فيجب عليكم الشروع في الصوم، وإذا كانت زوجتك بحاجة ماسة إلى الدواء من أجل الدوار فلا حرج من فطرها بعد شروعها في السفر، وذلك بأخذ الدواء قبل إقلاع الطائرة بنصف ساعة.

وإذا أفطرتم بعد شروعكم في السفر أو قبله فعليكم قضاء هذا اليوم بدون كفارة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما حكم قطرة العين للصائم من أجل قراءة القرآن؟ علماً أنه يبلغ 75 عاماً، ولا يستطيع القراءة دون قطرة العين. وما حكم ابتلاع الماء أثناء المضمضة وهو صائم؟

الجواب: إن قطرة العين لا تفطر الصائم ولو وجد أثر طعمها في حلقه، ونسأل الله تعالى لنا وله العفو والعافية.

أما إذا ابتلع الماء أثناء المضمضة عمداً فإنه يفطر وعليه القضاء مع الكفارة، وهي صيام ستين يوماً، أما إذا ابتلع شيئاً من الماء أثناء المضمضة خطأً فعليه القضاء فقط دون الكفارة.

وإذا تمضمض الصائم ثم جمع ريقه ورماه ولم يبتلع شيئاً من الماء فصيامه صحيح إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: أعاني من مشكلة في أنفي وهي صعوبة في التنفس بسبب وجود زوائد (قرينات)، وأحتاج إلى قطرة أنفية، فهل يجوز إجراء عمل جراحي لإزالة هذه الزوائد، علماً أنني سأضطر للإفطار خمسة أيام على الأقل، أم أنتظر لانتهاء شهر رمضان، ولكن بعد انتهاء رمضان يبدأ دوامي في الجامعة، فإذا أجريت العملية فلن أستطيع الدوام، فما هي نصيحتكم؟

الجواب: ما دامت هذه المشكلة قديمة وأنت بإمكانك أن تؤجل هذه العملية إلى ما بعد رمضان، فالأولى في حقك أن تؤجلها، وذلك حتى لا تفوِّت على نفسك فضيلة الصيام في هذا الشهر العظيم المبارك، حيث في هذا الشهر العظيم غُلِّقت أبواب الجحيم، وفُتحت أبواب الجنان، ونادى فيه المنادي: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، وفيه تضاعف الأعمال، النافلة فيه كفريضة فيما سواه، والفريضة فيه كسبعين فريضة فيما سواه، فلماذا تفوِّت على نفسك خصوصية هذا الشهر في صيامك، ما دمت قادراً على الصيام؟

أما إذا كانت المشكلة التي تعانيها من أنفك تتعبك أثناء الصيام، والعملية الجراحية تريحك من هذا التعب، وما كان بوسعك التحمل إلى ما بعد رمضان فلا حرج عليك من إجرائها، ولك الأجر على مصيبتك هذه، ولك أجر الصيام كاملاً عند قضائه إن شاء الله تعالى.

وأنا أنصحك ما دمت تطيق الصيام أن تؤجل العملية إلى ما بعد رمضان، ولتكن العملية على حساب دوامك في الجامعة لا على حساب خصوصيات هذا الشهر العظيم المبارك، فدوامك في الجامعة يُعمِّر لك دنياك، وصيامك في شهر رمضان يُعمِّر لك آخرتك إن شاء الله تعالى، فآثر ما يبقى على ما يفنى، وأسأل الله تعالى لنا ولكم ولسائر مرضى المسلمين الشفاء العاجل التام والشكر عليه، وببركة الصيام تتيسر أمورك إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما حكم فعل العادة السرية في رمضان؟

الجواب: العادة السرية حرام في شهر رمضان وفي غيره، ولكنها في رمضان أشد حرمة، لأن فاعلها اجترأ على ارتكاب معصيتين: الأولى: نكح اليد، وهي محرَّمة بنص القرآن العظيم، بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون}، فبنكح يده صار متعدياً على حدود الله عز وجل.

الثانية: أنه أفطر في شهر رمضان المبارك، وهذا العبد الناكح يده في نهار رمضان لو صام الدهر كله لتحصيل أجر صيام هذا اليوم ما حصَّله، لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ وَلا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ وَإِنْ صَامَهُ) رواه أبو داود والترمذي.

وبناء عليه:

فالعادة السرية حرام بشكل عام، وخاصة في نهار رمضان، وعليه بالتوبة والندم والاستغفار والجزم على أن لا يعود إليها مرة ثانية لا في رمضان ولا في غيره، وعليه قضاء هذا اليوم.

وأما إذا كانت في الليل يعني ليالي رمضان فلا قضاء عليه، ولكن عليه بالتوبة والاستغفار. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: نمت في نهار رمضان، فاستيقظت جنباً، مع العلم بأني لم أقدم على أي من مقدمات ما جرى، فماذا يترتب علي؟

الجواب: لا يشترط لصحة الصيام الطهارة لا من الحدث الأكبر ولا الأصغر، فالصيام صحيح ومقبول إن شاء الله تعالى، ولكن كان من الواجب عليك أن تسرع للاغتسال من أجل المحافظة على الصلوات في وقتها، وحتى لا تكون قضاء، لأن الصلاة في أوقاتها من أحب الأعمال إلى الله تعالى كما جاء في الحديث الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي) رواه البخاري.

وبناء على ذلك:

1 فصيامك صحيح ولا قضاء عليك.

2 عليك قضاء الصلوات التي فاتتك مع كثرة الاستغفار والندم على تقصيرك في الاغتسال، والعزم على أن لا تعود إلى ذلك مرة ثانية. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل استيقظ جنباً فظن أنه أفطر فأكل وشرب فماذا يترتب عليه؟

الجواب: من احتلم فوجد بللاً على ثيابه فيجب عليه الغسل، وإن لم يجد بللاً على ثيابه فلا غسل عليه. هذا أولاً.

ثانياً: الاحتلام لا يؤثر على الصيام ولا يفسده، إن وجد بللاً أو لم يجد.

ثالثاً: من أكل أو شرب عامداً بعد الاحتلام فقد أفطر وعليه القضاء مع الكفارة، وهي صيام ستين يوماً متواليات، والجهل بالحكم لا يعفيه من الكفارة، لأنه لا عذر لجاهل في الأحكام في ديار الإسلام. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل عاشر زوجته في نهار رمضان وكان واضعاً على فرجه الواقي، ولم يُنزل، فهل يجب عليه الغسل أم لا؟ وهل أفطر أم لا؟

الجواب: إن معاشرة الرجل الصائم غير المسافر ولا المريض أهله ـ وهي كذلك ـ في نهار رمضان حرام، وهي كبيرة من الكبائر في حقه وفي حق زوجته، وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الرجل إذا جامع زوجته في نهار رمضان عامداً مختاراً وهو الصائم غير مسافر ولا مريض، والتقى الختانان وغابت الحشفة في أحد السبيلين ـ القبل أو الدبر ـ، أفطر كلٌّ من الزوجين، أنزل أو لم ينزل، ووجب على كلٍّ من الزوجين القضاء مع الكفارة، وهي إعتاق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن صيام شهرين متتابعين لمرض مزمن أو لشيخوخة فإطعام ستين مسكيناً، ولا يغير الحكم وجود الواقي، لأنه رقيق لا يمنع الحرارة واللذة.

أما بالنسبة لوجوب الغسل، فإنه يجب عليه وعلى زوجته الغسل، ولو كان على فرجه الواقي، لأن الواقي لا يمنع من لذة المعاشرة، وسواء أنزل أو لم ينزل، وذلك للحديث الشريف: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية عند مسلم: (وإن لم ينزل).

وبناء عليه:

فما دام التقى الختانان وجب الغسل عليهما، سواء أنزل أم لم ينزل، وأفطرا ووجب عليهما القضاء مع الكفارة. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز أن تصوم المرأة في رمضان وهي حائض؟

الجواب: ذكر الفقهاء أن من شروط وجوب أداء فريضة رمضان:

أولاً: الصحة والسلامة من المرض، لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

ثانياً: الإقامة، فالصيام لا يجب على المسافر سفرَ قَصْرٍ.

ثالثاً: خلوُّ المرأة من الحيض والنفاس، لحديث السيدة عائشة رضي الله عنها لما سألتها معاذة: (مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ) رواه مسلم.

وبناء على ذلك:

فقد أجمعت الأمة على حرمة صيام شهر رمضان للمرأة الحائض والنفساء. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: امرأة مريضة، توفيت ولم تقض ما فاتها من صيام في رمضان، فهل يجوز الصوم عنها؟

الجواب: من أفطر في رمضان بعذر أو برخصة شرعية وجب عليه قضاء ما أفطره، وذلك لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

فإذا مات الإنسان المريض أو المعذور أو صاحب الرخصة الشرعية ولم يقض ما فاته فلا يصوم عنه أحد، لأن الصوم واجب بأصل الشرع لا يقضى عنه، لأنه لا تدخله النيابة في الحياة فكذلك بعد الممات كالصلاة.

وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والجديد عند الشافعية. وقد رجَّح الإمام النووي والسبكي قول الشافعي في القديم، بأنه يجوز أن يصوم عنه وليه، واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ).

ويلزم صاحب العذر أو الرخصة إذا لم يتمكن من القضاء أن يوصي بإخراج الفدية عنه وهي إطعام مسكين عن كل يوم.

وبناء على ذلك:

فلا يجوز أن يصوم أحد عن هذه المرأة، ويخرج من تركتها إطعام مسكين عن كلِّ يوم أفطرته، وبذلك تبرأ ذمتها بإذن الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: امرأة أفطرت في شهر رمضان بعذر شرعي، وفي شهر شوال صامت ستاً منه، ولم تتمكن من قضاء ما عليها في شوال وأدركها الموت، فهل تعتبر آثمة بتركها القضاء، حيث قدَّمت النافلة على الواجب؟

الجواب: مما لا شكَّ فيه بأنَّ المؤمن حريص على ذمته من الحقوق والواجبات قبل قيامه بالنافلة، لأن الله تعالى يقول في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه. قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّه تعالى قال: (ما تقرَّبَ إِلَيَ عبْدِي بِشْيءٍ أَحبَّ إِلَيَ مِمَّا افْتَرَضْت عليْهِ)

فالتقرب إلى الله تعالى أولاً بالفريضة، فغن فاتت فيجب قضاؤها، والإسراعُ في قضائها أولى من التأخير، ومن المعلوم بأن القضاء لا يجب على الفور بل على التراخي.

وبناء على ذلك:

فهذه المرأة التي صامت ستاً من شوال نافلة قبل قضاء ما عليها من صيام رمضان ليست آثمة إن شاء الله تعالى، لأنه من فعلها يظهر أنها كانت ناوية وعازمة على قضاء ما أفطرته من شهر رمضان، إلا أن المنية اختطفتها بغتة.

فإذا كانت هذه المرأة نوت في صيامها الجمع بين القضاء والنافلة فقد برئت ذمتها، لأن النية صحَّت عن القضاء، وإن نوت صيام نافلة صحَّ صوم النافلة، وبقيت ذمتها مشغولة بالقضاء، وليس على ورثتها إلا الدعاء لها بالمغفرة، إلا إذا أوصت أن يخرج من تركتها كفارة فطرها فيتصدقوا عنها بمقدار الفدية ـ وهي إطعام مسكين عن كل يوم ـ وإن لم توصِ، فلهم أن يتبرعوا استحباباً لا وجوباً.

هذا مذهب السادة الحنفية، وعند السادة الشافعية يُخرجون من تركتها إطعام مسكين عن كل يوم وإن لم توصِ، هذا إن تركت مالاً، وإلا فالله غفور رحيم.

وأنا أوصي الأخوات خاصة التعجل في قضاء رمضان ثم بعد ذلك صيام ست من شوال، لأن الإنسان لا يدري متى ينتهي أجله، وتبرئة الذمة مطلوبة شرعاً. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل صائم في نهار رمضان، وأثناء المداعبة بينه وبين زوجته تم التقاء الختانين وغابت الحشفة، ولم ينزل الرجل، فماذا يترتب على كلٍّ من الزوجين؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن جماع الصائم في نهار رمضان عامداً مختاراً بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين مفطر يوجب القضاء والكفارة، أنزل أو لم ينزل.

وبناء على ذلك:

وجب على هذا الرجل وزوجته قضاء هذا اليوم، مع الكفارة الكبرى، وهي عتق رقبة عن كل واحد من الزوجين، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين ـ ستين يوماً ـ فإن عجز كلٌّ من الزوجين عن الصيام بسبب مرض مزمن أو شيخوخة فيطعم كل واحد منهما ستين مسكيناً. هذا أولاً.

ثانياً: ما فعله هذا الرجل مع زوجته في نهار رمضان وهو صائم لا يجوز شرعاً، وهو نوع من أنواع الاستخفاف في الصيام، فعليه وعلى زوجته بالتوبة الصادقة النصوح، وعدم العودة إلى ذلك ثانية، وذلك لقوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب}. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما حكم المداعبة الزوجية في نهار رمضان دون جماع ودون إنزال؟ هل تفسد الصيام؟

الجواب: اتفق الفقهاء على كراهة تقبيل أحد الزوجين الآخر في حال الصوم إذا خاف أحدهما من إفساد الصوم بالإنزال أو الجماع.

وكذلك المباشرة والمعانقة ودواعي الوطء كاللمس وتكرار النظر، خشية الإنزال أو الجماع، ولأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.

وبناء على ذلك:

فيكره للزوجين المداعبة أثناء الصيام خشية الإنزال أو الجماع، وخاصة إذا كانا شابين. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يفسد صوم الصائم إذا نظر إلى صورة وأنزل؟

الجواب: ما فعلته هو حرام عليك، وعليك بالتوبة والاستغفار والعزم على ألا تعود إلى هذه المعصية مرة ثانية، وتذكر الموت كلَّما سوَّلت لك نفسك هذا، وتصوَّر لو أن الأجل انتهى والعبد على هذه الحالة، فما هو قائل لربه عز وجل يوم القيامة؟ هذا أولاً.

ثانياً: اختلف الفقهاء في صيام من أنزل بالفكر أو النظر:

فذهب الحنفية والشافعية إلى أن الإنزال بالفكر أو النظر بشهوة لا يفسد الصوم.

وذهب الحنابلة إلى أن الإنزال بالنظر يفسد الصوم.

وذهب المالكية إلى أنه إن أمنى بمجرد الفكر أو النظر من غير استدامة لهما فإنه يفسد صومه ويجب عليه القضاء دون الكفارة، وإن استدامهما حتى أنزل فعليه القضاء مع الكفارة.

وبناء على ذلك:

فعليك بالتوبة والاستغفار والندم على ما فعلت، والعزم على أن لا تعود إلى هذه المعصية ثانية، وتصدَّق بما تيسر، فإن الصدقة تطفئ غضب الرب، ثم عليك بقضاء هذا اليوم دون الكفارة خروجاً من الخلاف بين الفقهاء. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: ما حكم استعمال قطرة الأذن أثناء الصيام؟ يرجى التفصيل.

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى فساد الصوم بتقطير الدواء أو الدهن أو الماء في الأذن، لأنه واصل من أحد المنافذ الواسعة في البدن، وهي الفم والأنف والأذن، وأن كل ما وصل إلى المعدة من منفذ عال موجب للقضاء، سواء كان المنفذ واسعاً أم ضيقاً.

وبناء على ذلك:

فإن قطرة الأذن تفطر الصائم، وتوجب القضاء دون الكفارة، وهذا عند جمهور الفقهاء. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: سمعت المؤذن يقول في أذان الفجر: الله أكبر، فشربت الماء، فما حكم صيام هذا اليوم؟

الجواب: يجب على المؤمن في نهار رمضان أن يمسك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، فإذا أكل أو شرب من غير رخصة ولا عذر شرعي فقد أفطر.

وبناء على ذلك:

فإذا كان المؤذن قال: الله أكبر، في أول الوقت فأكل الرجل أو شرب فقد أفطر، وعليه القضاء مع الكفارة، أما إذا كان يؤذن قبل الوقت بقليل، وأكل الرجل قبل دخول وقت الفجر فلا شيء عليه. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز في رمضان في وقت الصيام وضع لاصق على جسم المدخن، وهي عبارة عن مادة النيكوتين تخفِّف من حدَّة تركه للتدخين في نهار رمضان، وهي تساعده شيئاً فشيئاً إن شاء الله على تركه؟

الجواب: إن وضع اللصاقات على الجسد لا يضر في صوم الصائم إن شاء الله تعالى، ولا يعتبر من المفطرات، لأنه لا ينفذ إلى الجوف عن طريق المنافذ الواسعة، بل ينفذ عن طريق التشرُّب، وهذا لا يضر إن شاء الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: امرأة مريضة، توفيت ولم تقض ما فاتها من صيام في رمضان، فهل يجوز الصوم عنها؟

الجواب: من أفطر في رمضان بعذر أو برخصة شرعية وجب عليه قضاء ما أفطره، وذلك لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

فإذا مات الإنسان المريض أو المعذور أو صاحب الرخصة الشرعية ولم يقض ما فاته فلا يصوم عنه أحد، لأن الصوم واجب بأصل الشرع لا يقضى عنه، لأنه لا تدخله النيابة في الحياة فكذلك بعد الممات كالصلاة.

وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والجديد عند الشافعية. وقد رجَّح الإمام النووي والسبكي قول الشافعي في القديم، بأنه يجوز أن يصوم عنه وليه، واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ).

ويلزم صاحب العذر أو الرخصة إذا لم يتمكن من القضاء أن يوصي بإخراج الفدية عنه وهي إطعام مسكين عن كل يوم.

وبناء على ذلك:

فلا يجوز أن يصوم أحد عن هذه المرأة، ويخرج من تركتها إطعام مسكين عن كلِّ يوم أفطرته، وبذلك تبرأ ذمتها بإذن الله تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: هل يجوز للإنسان الذي يؤدي الخدمة الإلزامية الفطر في رمضان بسبب التدريبات الشاقة وخاصة في الحر الشديد؟

الجواب: أولاً: أذكر الإخوة المدرِّبين بقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار) رواه ابن خزيمة والبيهقي. وهؤلاء المجنَّدون بحكم المملوكين بين يدي المدرِّب، فمن سعادته أن يخفِّف عنهم حتى يخفِّف الله تعالى عنه، ومن شقَّ عليهم فسيشقُّ الله عز وجل عليه عاجلاً أم آجلاً، وذلك لدعاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) رواه مسلم.

ثانياً: لا يجوز للرجل الذي يؤدي الخدمة الإلزامية أن يبدأ نهاره مفطراً بحجة التدريبات التي ستكون صباحاً، بل يجب عليه أن يبدأ نهاره صائماً، حتى إذا وصل إلى درجة من الجهد الشديد بحيث لا يستطيع أن يبقى صائماً فله أن يفطر ذلك اليوم بسبب الجهد الشديد لا بسبب التدريبات، وعليه قضاء ذلك اليوم دون الكفارة، والإثم على من أجهده إذا لم يكن الأمر ضرورياً. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: امرأة صالحة صائمة، ابتلاها الله عز وجل برجل قليل دين يفطر في شهر رمضان بدون حياء، ويلزم زوجته بتحضير الطعام له، فهل تعتبر آثمة إذا أحضرت له الطعام؟

الجواب: أولاً: هذا من جملة الابتلاء للمرأة الصالحة، وعليها أن تتذكر قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}، فعليها بالصبر والمصابرة.

ثانياً: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن هذا من شعار الأمة المحمدية، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجب للعنة والعياذ بالله تعالى. قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُون}، ويجب أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطريق معروف هيَّن ليِّن، وبدون فظاظة ولا غلاظة.

ثالثاً: الطاعة لله تعالى ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون قيد ولا شرط، أما طاعة من هو دونهما فمقيِّدة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري ومسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه الإمام أحمد.

وبناء على ذلك:

فيجب على هذه المرأة أن تذكِّر زوجها بالله، وتأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر بأسلوب لطيف، وأن تعتذر إليه عن تقديم الطعام، لأنه إعانة للعاصي على معصية الله تعالى، وأن تكثر من الدعاء له بظهر الغيب بالهداية والتوبة.

فإن أصرَّ ـ لا قدَّر الله تعالى ـ على تقديم الطعام له، فعلى المرأة بطاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحقُّ الله تعالى مقدَّم. هذا، والله تعالى أعلم.

سؤال: رجل عاشر زوجته في رمضان وهو يظن أن الفجر ما دخل وقته، وبعد ذلك تبين له دخول وقت الفجر، فماذا يترتب عليه وعلى زوجته؟

الجواب: التقصير في حفظ الصوم لا يليق بالإنسان المؤمن، لأن المؤمن حريص على أداء العبادة على خير وجه، فيجب على المؤمن أن يكون مهتماً بمعرفة دخول وقت الفجر وذلك للإمساك، ودخول وقت المغرب وذلك للفطر.

فمن قصَّر في ذلك فأكل أو شرب أو جامع زوجته وهو يظنُّ بأن الفجر ما طلع، والحال أن الفجر طالع، فإنه يفطر ويجب عليه القضاء دون الكفارة، وهذا عند جمهور الفقهاء، وكذلك من أكل أو شرب وهو يظن بأن المغرب دخل وقته والحال بأن المغرب ما دخل وقته، فقد أفطر وعليه القضاء دون الكفارة، وهذا عند جمهور الفقهاء.

وبناء على ذلك:

فالرجل الذي عاشر زوجته وهو يظنُّ بأنَّ الفجر ما طلع، والواقع أنه طالع وقد دخل وقت الفجر ووجب الإمساك، فعليه وعلى زوجته القضاء دون الكفارة، لأن الأصل بقاء الليل، والجناية قاصرة، وهي جناية عدم التثبت. هذا، والله تعالى أعلم.

**     **     **

 

 2011-07-30
 34159
الشيخ أحمد شريف النعسان
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  دروس رمضانية

14-03-2024 315 مشاهدة
1-مواساة لأصحاب الأعذار في رمضان

يَا مَنْ أَقْعَدَكُمُ المَرَضُ عَنِ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَقُلُوبُكُمْ تَتَلَهَّفُ للصِّيَامِ وَالقِيَامِ، أَبْشِرُوا وَلَا تَحْزَنُوا، فَأَنْتُمْ في نِعْمَةٍ عَظِيمَةٍ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، مَا دَامَتْ قُلُوبُكُمْ تَتَطَلَّعُ للصِّيَامِ ... المزيد

 14-03-2024
 
 315
26-05-2022 692 مشاهدة
28ـ غزوة بدر وحسرة المشركين

فِي خِتَامِ هَذَا الشَّهْرِ العَظِيمِ المُبَارَكِ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ عَنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى العَظِيمَةِ المُبَارَكَةِ، التي جَسَّدَتْ لَنَا بِوُضُوحٍ تَامٍّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * ... المزيد

 26-05-2022
 
 692
26-05-2022 513 مشاهدة
27ـ غزوة بدر درس عملي لكل ظالم ومظلوم

غَزْوَةُ بَدْرٍ الكُبْرَى فِيهَا دَرْسٌ عَمَلِيٌّ لِكُلِّ ظَالِمٍ، وَلِكُلِّ مَظْلُومٍ، وَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِ الغَزْوَةِ يَقُولُ لِكُلِّ مَظْلُومٍ: اصْبِرْ وَصَابِرْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَحِيدَ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، فَالعَاقِبَةُ لَكَ، ... المزيد

 26-05-2022
 
 513
29-04-2022 384 مشاهدة
26ـ غزوة بدر وتواضع القائد

مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الكُبْرَى نَتَعَلَّمُ خُلُقَ التَّوَاضُعِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ كَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 384
29-04-2022 814 مشاهدة
25ـ هنيئًا لكم أيها الصائمون القائمون

يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ... المزيد

 29-04-2022
 
 814
29-04-2022 912 مشاهدة
24ـ أقوام عاشوا عيش السعداء

الزَّمَنُ يَمضِي ولا يَعُودُ، ولَيسَ هُناكَ شَيءٌ أسرَعُ من الزَّمَنِ، فهوَ لا يَتَوَقَّفُ، تَمُرُّ اللَّيالِي والأيَّامُ والشُّهُورُ والسَّنَوَاتُ على الإنسَانِ ويَنتَهِي وُجُودُهُ فِيها كَأَنَّهُ لم يَلبَثْ فِيها إلا سَاعَةً من الزَّمَنِ. ... المزيد

 29-04-2022
 
 912

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412517442
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :