طباعة |
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أتمنى قراءة هذه الخطبة ، وتعميمها على من حولكم وعلى مواقع التواصل ، أسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل سوء ومكروه، وأن تعودوا إلى بلدكم سالمين غانمين معززين مكرمين، آمين: 717ـ خطبة الجمعة: أيها المسافر بحجة لقمة العيش مقدمة الخطبة: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أَمَّا بَعْدُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ: إِنَّ العَمَلَ في الدُّنْيَا قَرِينُ الجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ تعالى ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾. وَكُلُّ نَبِيٍّ كَانَ لَهُ عَمَلٌ وَحِرْفَةٌ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَى الغَنَمَ، وَإِنَّ السَّفَرَ مِنْ أَجْلِ لُقْمَةِ العَيْشِ لَا شِيَةَ فِيهِ، فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ مِنْ أَجْلِهَا. روى الإمام البخاري عَنِ المِقْدَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». يَا عِبَادَ اللهِ: الاسْتِغْنَاءُ عَنِ النَّاسِ بِالكَسْبِ الحَلَالِ شَرَفٌ عَالٍ وَعِزٌّ مَنِيفٌ، يَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ المُحَدَّثُ: مَا مِنْ مَوْضِعٍ يَأْتِينِي المَوْتُ فِيهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْطِنٍ أَتَسَوَّقُ فِيهِ لِأَهْلِي أَبِيعُ وَأَشْتَرِي. / إحياء علوم الدين. وَمِنْ حِكَمِ لُقْمَانَ: يَا بُنَيَّ، اسْتَغْنِ بِالكَسْبِ الحَلَالِ عَنِ الفَقْرِ، فَإِنَّهُ مَا افْتَقَرَ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا أَصَابَهُ ثَلَاثُ خِصَالٍ: رِقَّةٌ في دِينِهِ، وَضَعْفٌ في عَقْلِهِ، وَذَهَابُ مُرُوءَتِهِ. / إحياء علوم الدين. يَا عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ مَدَحَ اللهُ تعالى الذينَ يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. وَأَثْنَى عَلَى الذينَ يَضْرِبُونَ في الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ. وَلَكِنْ أَيُّهَا المُسَافِرُ بِحُجَّةِ لُقْمَةِ العَيْشِ: يَا عِبَادَ اللهِ: الكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ يُسَافِرُ بِحُجَّةِ لُقْمَةِ العَيْشِ، وَيَتْرُكُ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ، هَلَّا تَسَاءَلْ مَعَ نَفْسِهِ: لِمَنْ تَرَكَ زَّوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ؟ وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ حَيْثُ كَثُرَ الفَسَادُ وَالانْحِرَافُ، وَخَاصَّةً عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ. أَمَا سَمِعَ بِانْحِرَافِ كَثِيرٍ مِنَ الزَّوْجَاتِ؟ أَمَا سَمِعَ بِانْحِرَافِ كَثِيرٍ مِنَ الأَبْنَاءِ وَالبَنَاتِ، بِسَبَبِ غِيَابِ الزَّوْجِ وَالأَبِ؟ يَا مَنْ سَافَرَ بِحُجَّةِ لُقْمَةِ العَيْشِ، وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ في مَهَبِّ رِيحِ الفِتَنِ وَالفِسَادِ وَالإِفْسَادِ وَالضَّلَالِ وَالإِضْلَالِ وَالانْحِرَافِ، من الُممْكِنِ أَنْ تَأْتِيْهِم بِالمَالِ الوَفِيرِ، وَلَكِنْ مِنْ أَيْنَ سَتَأْتِيهِمْ بِالاسْتِقَامَةِ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في حَالَةِ بُعْدِكَ عَنْهُمْ؟ لَقَدْ دَفَعَكَ ضِيقُ العَيْشِ في بِلَادِنَا إلى السَّفَرِ، وَلَكِنْ أَمَا بَلَغَكَ بِأَنَّ الانْحِرَافَ صَارَ أَقْرَبَ إِلَيْهِمْ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ، وَأَنَّكَ عَرَّضْتَ نَفْسَكَ للفِتْنَةِ بِدُونِ زَوْجَتِكَ؟ مَنْ لَكَ في غَيْبَتِكَ عَنْ زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ، وَمَنْ لِزَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ في غَيْبَتِكَ؟ أَيُّهَا المُسَافِرُ، أَمَا اعْتَبَرْتَ؟ يَا أَيُّهَا المُسَافِرُ وَالمُبْتَعِدُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ بِحُجَّةِ لُقْمَةِ العَيْشِ، أَمَا اعْتَبَرْتَ مِنْ بَعْضِ رِجَالِ الأَعْمَالِ الذينَ انْشَغَلُوا بِالمَالِ وَجَمْعِهِ، وَأَهْمَلُوا الزَّوْجَةَ وَالوَلَدَ حَتَّى انْحَرَفُوا؟ أَمَا سَمِعْتَ عَنْ بَعْضِهِمْ إِذْ كَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَا أَرَى زَوْجَتِي وَأَوْلَادِي إِلَّا نَادِرًا، إِنِّي أَرْجِعُ إلى البَيْتِ وَهُمْ نَائِمُونَ، وَيَذْهَبُونَ إلى المَدْرَسَةِ وَأَنَا نَائِمٌ؟ يَا أَيُّهَا المُسَافِرُ بِحُجَّةِ لُقْمَةِ العَيْشِ، إِنْ لَمْ تَخَفْ عَلَى نَفْسِكَ بِبُعْدِكَ عَنْ زَوْجَتِكَ، وَإِنْ لَمْ تَخَفْ عَلَى أَوْلَادِكَ القُصَّرِ، فَخَفْ عَلَى زَوْجَتِكَ مِنْ فِتَنِ هَذِهِ الأَيَّامِ التي عَمَّ فِيهَا الخَبَثُ وَانْتَشَرَتْ فِيهَا الرَّذِيلَةُ. لَقَدِ سَمِعَ النَّاسُ وَسَمِعْنَا عَنْ مَآسٍ يَنْدَى لَهَا الجَبِينُ، عَنِ الفِتَنِ التي تَتَعَرَّضُ لَهَا زَوْجَاتُ الغَائِبِينَ، وَعَنِ الفِتَنِ التي تَعَرَّضَ لَهَا الزَّوْجُ الغَائِبُ عَنْ زَوْجَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ المَرْأَةَ المُتَزَوِّجَةَ وَالرَّجُلَ المُتَزَوِّجَ مِنَ الصَّعْبِ جِدًّا أَنْ يَجِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْسَهُ بِدُونِ الآخَرِ. خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةَ ـ: يَا عِبَادَ اللهِ: تَعَدَّدَتِ الأَسْبَابُ وَالرِّزْقُ وَاحِدٌ، سَفَرُ العَبْدِ لَنْ يَزِيدَ في رِزْقِهِ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ، فَالرَّزَّاقُ هُنَاكَ هُوَ الرَّزَّاقُ هُنَا. فَيَا مَنْ سَافَرَ وَعَرَّضَ نَفْسَهُ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ للفِتَنِ، وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ مُعَرَّضِينَ للفِتَنِ، ارْجِعْ إلى زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ مِنْ أَجْلِ سَلَامَتِكَ وَسَلَامَتِهِمْ؛ وَسَلَامَتُكُمْ سَلَامَةُ المُجْتَمَعِ، وَاسْتَحْضِرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾. اللَّهُمَّ عَجِّلْ بِالفَرَجِ. آمين. أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |