السؤال :
يَقُومُ بَعْضُ أَصْحَابِ المَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ التي تَبِيعُ المَلَابِسَ النِّسَائِيَّةَ بَعَرْضِ المَلَابِسِ الدَّاخِلِيَّةِ النِّسَائِيَّةِ ، زَاعِمِينَ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الوَسِيلَةُ الوَحِيدَةُ لِتَسْوِيقِ مُنْتَجَاتِهِمْ، فَمَا حُكْمُ الشَّرْعِ في ذَلِكَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11678
 2022-01-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنَ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ التي تَحْكُمُ العَمَلَ في التِّجَارَةِ، تَحْرِيمُ الاتِّجَارِ وَالعَمَلِ بِالمُحَرَّمَاتِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِانْتِهَاكِ مُحَرَّمٍ، أَو تَرْكِ وَاجِبٍ؛ وَمِنَ الأُمُورِ المُحَرَّمَةِ اسْتِعْمَالُ الصُّوَرِ الإِبَاحِيَّةِ في تَرْوِيجِ البَضَائِعِ، أَو عَرْضُ المَلَابِسِ الدَّاخِلِيَّةِ النِّسَائِيَّةِ ؛ هذا أولًا.

ثانيًا: مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِيَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا قَاعِدَةُ: للوَسَائِلِ أَحْكَامُ المَقَاصِدِ، فَالوَسِيلَةُ إلى أَفْضَلِ المَقَاصِدِ هِيَ أَفْضَلُ الوَسَائِلِ، وَالوَسِيلَةُ إلى أَرْذَلِ المَقَاصِدِ هِيَ أَرْذَلُ الوَسَائِلِ. اهـ.

فَوَسِيلَةُ المُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ، أَيْ: إِنَّ مَا أَدَّى إلى الحَرَامِ فَهُوَ حَرَامٌ، فَالصُّوَرُ الإِبَاحِيَّةُ وَعَرْضُ المَلَابِسِ النِّسَائِيَّةِ الدَّاخِلِيَّةِ مُحَرَّمٌ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ في تَرْوِيجِ البَضَائِعِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنَّ عَرْضَ المَلَابِسِ النِّسَائِيَّةِ وَخَاصَّةً الدَّاخِلِيَّةَ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَفَاسِدَ كَثِيرَةٍ، مِنْ جُمْلَتِهَا فِتْنَةُ الرِّجَالِ، وَخَاصَّةً الشَّبَابَ مِنْهُمْ، وَخَاصَّةً إِذَا تَمَّ وَضْعُهَا عَلَى مُجَسَّمٍ يُشْبِهُ شَكْلَ المَرْأَةِ، فَفِي ذَلِكَ امْتِهَانٌ للمَرْأَةِ وَكَرَامَتِهَا، وَاحْتِقَارٌ لَهَا، وَمُتَاجَرَةٌ بِجَسَدِهَا، حَيْثُ يُسْتَغَلُّ جِسْمُهَا أَبْشَعَ اسْتِغْلَالٍ لِكَسْبِ المَالِ، وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

فَلَا شَكَّ أَنَّ عَرْضَ المَلَابِسِ عَلَى المُجَسَّمَاتِ نَشْرٌ للفَسَادِ وَالرَّذِيلَةِ، وَفِيهِ إِثَارَةٌ للشَّهَوَاتِ، وَتَشْيِيعٌ للفَاحِشَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَهَذَا مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

فَيَا أَصْحَابَ المَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ، اتَّقُوا اللهَ في أَنْفُسِكُمْ، وَفي أَهْلِيكُمْ، وَفي شَبَابِ هَذِهِ الأُمَّةِ وَشَابَّاتِهَا، وَرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ للهِ تعالى؟

فِعْلُكُمْ هَذَا، وَرَبِّ الكَعْبَةِ لَنْ يَزِيدَ في رِزْقِكُمْ، وَتَرْكُهُ لَنْ يُنْقِصَ مِنْ رِزْقِكُمْ شَيْئًا؛ وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾. فَاتَّقُوا اللهَ فَاتَّقُوا اللهَ فَاتَّقُوا اللهَ. هذا، والله تعالى أعلم.