طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في كِتَابِ حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتِ الأَصْفِيَاءِ: عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا جَالِسًا، فَقَالَ رَجُلٌ: لَوَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: فَكُنْتَ تَصْنَعُ مَاذَا؟
قَالَ: كُنْتُ وَاللهِ أُؤْمِنُ بِهِ، وَأُقَبِّلُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأُطِيعُهُ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ؟
قَالَ: بَلَى، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا اخْتَلَطَ حُبِّي بِقَلْبِ عَبْدٍ فَأَحَبَّنِي إِلَّا حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ».
ثُمَّ قَالَ: «لَيْتَنِي أَرَى إِخْوَانِي وَرَدُوا الْحَوْضَ فَأَسْتَقْبِلَهُمْ بِالْآنِيَةِ فِيهَا الشَّرَابُ فَأَسْقِيَهُمْ مِنْ حَوْضِي قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ».
فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟
قَالَ: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانِي مَنْ آمَنَ بِي ولَمْ يَرَنِي، إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُقِرَّ عَيْنِي بِكُمْ وَبِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعيفٌ.
أَمَّا الحَدِيثُ الصَّحِيحُ فَهُوَ مَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا».
قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ».
فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟».
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: «فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ؛ أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ؛ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا اخْتَلَطَ حُبِّي بِقَلْبِ عَبْدٍ فَأَحَبَّنِي إِلَّا حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ» يَعْنِي حَرَّمَ اللهُ تعالى جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ تَحْرِيمَ خُلُودٍ، فَلَا يَكُونُ بِإِذْنِ اللهِ تعالى مِنَ الخَالِدِينَ فِيهَا.
وَفَارِقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ ابْتِدَاءً، وَبَيْنَ مَنْ يَدْخُلُهَا نِهَايَةً وَمَآلًا، وَمَا مِنْ عَبْدٍ اخْتَلَطَ حُبُّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَلْبِهِ إِلَّا رَأَيْتَهُ صَالِحًا وَمُصْلِحًا، وَمُسْتَقِيمًا عَلَى شَرِيعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِدْقَ حُبِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في قُلُوبِنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |