طباعة |
أَوَّلًا: الأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا، مَا هِيَ الغَايَةُ مِنْ تَحْوِيلِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾. إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ؟ ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾؟
ثَانِيًا: تَحْوِيلُ الصُّورَةِ الفُوتُوغْرَافِيَّةِ ـ وَالَّتِي فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ حَبْسِ ظِلٍّ ـ إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ، نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ العَبَثِ، وَحَاشَا لِشَرْعِنَا الحَنِيفِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَبَثٌ، وَتَنَزَّهَ مَوْلَانَا أَنْ يَكُونَ فِي شَرْعِهِ عَبَثٌ، وَتَنَزَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشَرِّعَ لَنَا حُكْمًا فِيهِ عَبَثٌ، وَبِدُونِ فَائِدَةٍ مَرْجُوَّةٍ.
ثَالِثًا: تَحْوِيلُ الصُّورَةِ الفُوتُوغْرَافِيَّةِ إِلَى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الرَسْمِ لِذَاتِ الأَرْوَاحِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الرَّسْمُ بِاليَدِ أَمْ بِالجِهَازِ الإِلْكِتْرُونِيِّ، لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَصْوِيرِ المَشْمُولِ بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ، فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ: أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ، بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ» وقَالَ: «إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ».
وَالأَحَادِيثُ فِي هَذَا البَابِ كَثِيرَةٌ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَجُوزُ تَحْوِيلُ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ حَبْسُ الظِّلِّ، وَالَّتِي لَا مُضَاهَاةَ فِيهَا لِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الفُقَهَاءِ، إلى صُورَةٍ كَرْتُونِيَّةٍ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى، وَهَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ﴾. وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ العَبَثِ وَالسُّخْرِيَةِ فِي صُورَةِ الإِنْسَانِ المُكَرَّمِ ﴿هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾. فَيَا أَيُّهَا المُكَرَّمُ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾.
تَرَفَّعْ عَنِ العَبَثِ وَلَا تَنْسَاقْ خَلْفَ خُطُوَاتِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، وَسَلْ مَنْ يُحَوِّلُ الصُّورَةَ مَا هِيَ الغَايَةُ مِنْ هَذَا التَّحْوِيلِ؟ هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |