طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُكَرِّرَ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى؛ فَعَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ: ﴿إِذَا زُلْزِلَتْ﴾ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، فَلَا أَدْرِي أَنَسِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْ قَرَأَ ذَلِكَ عَمْدًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَحَدِيثُ الرَّجُل الَّذِي كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ كُلِّ سُورَةٍ ﴿قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾.
فَقَال: إِنِّي أُحِبُّهَا.
فَقَال لَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهِيَةِ تَكْرَارِ السُّورَةِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ خِلَافُ الأَوْلَى؛ فَقَدْ قَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لِكُلِّ سُورَةٍ حَظُّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. اهـ. كَذَا فِي المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا بَأْسَ بِتَكْرَارِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الفَرِيضَةِ، وَخَاصَّةً لِمَنْ لَمْ يَحْفَظْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾.
وَلَكِنِ الأَوْلَى فِي حَقِّ الَّذِي يَحْفَظُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سُورَةً أُخْرَى.
وَالمُعْتَادُ مِنْ عَهْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا أَنَّ القَارِئَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى سُورَةً أَوْ عَدَدًا مِنَ الآيَاتِ، ثُمَّ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى أَوْ عَدَدًا مِنَ آيَاتٍ أُخَرَ. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |