| طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَفْظُ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا؛ مِنَ القَوَاعِدِ الفِقْهِیَّةِ المَشْهُورَةِ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ المُحَدِّثِينَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَاعِدَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي بَابِ المُعَامَلَاتِ؛ وَالإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى هَذِهِ القَاعِدَةِ، وَلِهَذِهِ القَاعِدَةِ صُوَرٌ خَفِيَّةٌ وَصُوَرٌ جَلِيَّةٌ.
أَمَّا الجَلِيَّةُ: فَكَأَنْ يُعْطِيَ شَخْصٌ شَخْصًا آخَرَ مَبْلَغًا ـ قَرْضًا ـ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ مَعَ الزِّيَادَةِ.
وَكَذَلِكَ إِذَا أَعْطَاهُ شَيْئًا رَدِيئًا بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ شَيْئًا حَسَنًا جَيِّدًا.
أَمَّا الخَفِيَّةُ: فَكَأَنْ يَذْهَبَ شَخْصٌ إِلَى صَائِغِ ذَهَبٍ فَيَقُولَ لَهُ البَائِعُ: خُذْ هَذَا المَالَ قَرْضًا ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ الذَّهَبَ، وَبَعْدَ مَدَّةٍ تَسَدِّدُ لِيَ المَبْلَغَ، فَالبَائِعُ يَضْمَنُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنهُ.
وَمِنَ الصُّوَرِ الخَفِيَّةِ لِهَذِهِ القَاعِدَةِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ البَيْتِ أَوْ صَاحِبُ المَحَلِّ لِلْمُسْتَأْجِرِ: أَعْطِنِي مَبْلَغًا مِنَ المَالِ وَأَنَا أُعْطِيكَ هَذَا البَيْتَ لِمُدَّةٍ مِنَ الزَّمَنِ بِدُونِ أَجْرٍ، أَوْ بِأَجْرٍ رَمْزِيٍّ، فَهَذِهِ المُعَامَلَةُ مَنْدَرِجَةٌ تَحْتَ قَاعِدَةِ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا؛ وَهَذَا مَا يُسَمَّى فِي عُرْفِ النَّاسِ الرهْنِيَّةَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَوْلُ: كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ مَشْهُورَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَخَاصَّةً فِي بَابِ المُعَامَلَاتِ، وَالإِجْمَاعُ قَائِمٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ عِندَ المُحَدِّثِينَ بِالاتِّفَاقِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
| جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |