السؤال :
هَلْ نَابُ الفِيلِ طَاهِرٌ أَمْ نَجِسٌ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13832
 2025-11-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ فِي نَابِ الفِيلِ:

ذَهَبَ الحَنَابِلَةُ ـ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ـ إِلَى أَنَّ العَاجَ الْمُتَّخَذَ مِنْ عَظْمِ الْفِيل نَجِسٌ ـ وَالعَاجُ هُوَ أَنْيَابُ الفِيَلَةِ ـ لِأَنَّ عَظْمَهُ نَجِسٌ، سَوَاءٌ أُخِذَ العَظْمُ مِنَ الفِيلِ وَهُوَ حَيٌّ أَوْ مَيْتٌ، لأَِنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، سَوَاءٌ أُخِذَ مِنْهُ بَعْدَ ذَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾. وَالعَظْمُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَيَكُونُ مُحَرَّمًا، وَالفِيلُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إِلَى طَهَارَةِ عَظْمِ الفِيلِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ العَظْمَ لَيْسَ بِمَيْتٍ، لِأَنَّ المَيْتَةَ مِنَ الحَيَوَانِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَا زَالَتْ حَيَاتُهُ، وَلَا حَيَاةَ فِي العَظْمِ، فَلَا يَكُونُ مَيْتَةً، كَمَا أَنَّ نَجَاسَةَ المَيْتَاتِ لَيْسَتْ لِأَعْيَانِهَا، بَلْ لِمَا فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ السَّائِلَةِ، وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ فِي العَظْمِ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلِي طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ حَلَالٌ إِلَّا مَا أُكِلَ مِنْهَا، فَأَمَّا الْجِلْدُ وَالْقَرْنُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ وَالسِّنُّ وَالْعَظْمُ فَكُلُّ هَذَا حَلَالٌ لِأَنَّهُ لَا يُذَكَّى».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَعِنْدَ الحَنَابِلَةِ ـ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ـ كُلُّ مَا اتُّخِذَ مِنْ نَابِ الفِيلِ حَرَامٌ، وَعِنْدَ الحَنَفِيَّةِ حَلَالٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَمَشَّطُ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ.

رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ.

وَمَا رُُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ مِنْ ثَوْبَانَ فَقَالَ: «يَا ثَوْبَانُ، اشْتَرِ لِفَاطِمَةَ قِلَادَةً مِنْ عَصَبٍ، وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ عَلَى الطَّهَارَةِ، لِأَنَّ العَاجَ هُوَ الذَّبْلُ، وَهُوَ ظَهْرُ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ.

وَأَنَا أَنْصَحُ بِعَدَمِ اتِّخَاذِ شَيْءٍ مِمَّا صُنِعَ مِنْ نَابِ الفِيَلَةِ، خُرُوجًا مِنَ الخِلَافِ. هذا، والله تعالى أعلم.