طباعة |
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنْ شُرُوطِ الحِجَابِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا لِكُلِّ مَا وَجَبَ سَتْرُهُ مِنَ البَدَنِ، وَبَدَنُ المَرْأَةِ كُلُّهُ عَوْرَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ الحِجَابُ سَمِيكًا صَفِيقًا بِحَيْثُ لَا يَشِفُّ مَا تَحْتَهُ، فَإِنْ كَانَ يَشِفُّ مَا تَحْتَهُ فَهَذَا لَيْسَ بِحِجَابٍ أَصْلًا، وَأَنْ يَكُونَ فَضْفَاضًا لَا يَصِفُ العَوْرَةَ.
وَإِذَا خَرَجَتِ المَرْأَةُ إلى الشَّارِعِ أَو أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ زِينَةٌ مِنْ تَطْرِيزٍ وَزَرْكَشَةٍ وَبَعْضِ الرُّسُومِ المُلْفِتَةِ للنَّظَرِ، بَلْ يَكُونُ بِلَوْنٍ كَامِدٍ لَا يَلْفِتُ النَّظَرَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلُبْسُ العَبَاءَةِ الرَّقِيقَةِ المُطَرَّزَةِ وَالخُرُوجُ بِهَا إلى الشَّارِعِ وَأَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الزِّينَةِ التي يَجِبُ سَتْرُهَا عَنْ أَعْيُنِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَيُخْشَى عَلَى هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ اللَّوَاتِي يَخْرُجْنَ بِهَذِهِ العَبَاءَاتِ أَنْ يَنْدَرِجْنَ تَحْتَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
لِذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى المَرْأَةِ لُبْسُ هَذِهِ العَبَاءَةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِتْنَةً للرِّجَالِ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيق﴾.
وَمَا جُعِلَ الحِجَابُ عَلَى النِّسَاءِ إِلَّا لِعَوْنِ الرِّجَالِ عَلَى غَضِّ البَصَرِ، لَا لِلَفْتِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَذَلِكَ غَيْرَةً عَلَيْهَا مِنَ الفِتْنَةِ وَغَيْرَةً عَلَى الرِّجَالِ كَذَلِكَ.
أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَسْتُرَ أَعْرَاضَنَا وَأَنْ لَا يَفْتِنَنَا في دِينِنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 https://www.naasan.net/print.ph/ |